Al Jazirah NewsPaper Sunday  31/12/2006G Issue 12512عزيزتـي الجزيرةالأحد 11 ذو الحجة 1427 هـ  31 ديسمبر2006 م   العدد  12512
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

قضايا عربية
  في الصحافة العبرية

دوليات

متابعة

منوعـات

الرأي

الركن الخامس

عزيزتـي الجزيرة

مدارات شعبية

وَرّاق الجزيرة

زمان الجزيرة

الأخيــرة

التشريع الإسلامي وحي رباني والليبرالية عقل إنساني

لعلي أكون منصفاً إن قلت إن مقالة الأستاذ عبدالمحسن بن عبدالله الماضي عن (الليبراليين السعوديين) المنشورة في عدد الجزيرة رقم 12473 الصادر بتاريخ 1 - 11 - 1427 هـ الموافق 22 - 11 - 2006م، من المقالات الرصينة كونها تتميز بموضوعية الفكرة وواقعية الطرح وحيادية الموقف ونزاهة الحكم، رغم أنها لم تسلم من شائبة النقص في جانب النظرة الشمولية، التي اعتمدها الكاتب من حيث تعريفات الليبرالية التي ساقها واستعراض مطالب الليبراليين والتعليق عليها، أو محاولته التوفيق بين وجود (فكر ليبرالي) وبين مسألة الاختلاف الفكري والتنوع الثقافي في المجتمع السعودي وفقاً لطبيعة هذا المجتمع المتنوع مذهبياً وقبلياً وعلمياً وعلى مستوى العادات والتقاليد، حتى يمكن القول إن المملكة العربية السعودية قارة في جغرافيتها وأمة في مجتمعها وعالم في موقعها، وإن الليبرالية هي ضمن الأطياف الفكرية السعودية التي تجسد ذلك التنوع، وعليه أود التعليق على مقالة الكاتب عبدالمحسن بالنسبة لمسألة رئيسة أغفلها أو على الأقل لم يُشرْ لها رغم وجوب ذكرها لأنها تعتبر ركيزة فكرة مقاله، وهي مسألة قبول فكرة الليبرالية في مجتمعنا لأنه مجتمع يتشكل من تيارات وأطياف فكرية.
لا شك أن قبول الأفكار أو المبادئ منهج حضاري وظاهرة صحية ومسلك إنساني راقٍ، خاصةً في مجتمع أو أمة متنوعة المذاهب الفكرية والمدارس الفقهية ومتعددة الأصول القبلية والعادات الاجتماعية، ولكن يكون مقبولاً عندما تكون تلك الأفكار أو المبادئ ضمن تيار الأغلبية أو تنطلق من ثقافة الأمة، بحيث يجمعها أساس فلسفي واحد وتحتكم لمرجعية حضارية محددة.
فهل الليبرالية التي يُراد لها أن تمتزج في واقعنا الاجتماعي المحلي كي تُقبلَ باعتبارها وسيلة حضارية للحياة تحت حجة التنوع الفكري في المجتمع السعودي، هل تشترك مع فكرنا الإسلامي في خاصية (الأساس الفلسفي) ومسألة (المرجعية الحضارية)؟. للإجابة عن هذا السؤال أقول: المبادئ الحضارية السامية والقيم الإنسانية العليا هي هاجس الإنسان ومحور اهتمامه سواءً على مستوى المعتقدات الدينية أو الحركات الثورية أو التيارات الفكرية أو المذاهب الفلسفية، بل هي في وجدان الأنظمة الملكية والديمقراطية (المدنية)، وكذلك في دعايات الأنظمة الشمولية والديكتاتورية (العسكرية)، كما أنها في فلسفة النظم الاقتصادية وواقع الحياة الاجتماعية، ولعل أبرز هذه المبادئ أو القيم الإنسانية هي: الحرية والعدل والمساواة.
وعليه نجد أن دعاة كل دين أو أتباع كل ثقافة أو أصحاب كل فكر يضعون هذه المبادئ والقيم الإنسانية الرفيعة في لغة خطاب مشروعهم الحضاري، كما يؤكدون على حمايتها وفق منطلقات إيمانية راسخة في فكرهم أو دينهم أو ثقافتهم، غير أن (الفارق الجوهري) بين أصحاب الأديان والتيارات الفكرية والثقافات المتنوعة، من حيث تناول هذه القيم أو المبادئ والمناداة بها وتطبيقها واقعاً، يكمن في (المرجعية الحضارية) التي تحتكم لها عند التطبيق، سواء على مستوى النصوص التي تفسرها أو التشريعات التي تحكمها أو الضوابط التي تقيد مسارها على درب الحياة وهنا (لب الإشكال الفكري) الحقيقي بين الفكر الإسلامي والفكر الليبرالي.
إن الليبرالية ترى مرجعيتها في (سلطان العقل) الذي يشرع القوانين الوضعية لممارسة تلك القيم وتطبيق تلك المبادئ، بينما الفكر الإسلامي يتعامل معها وفق مرجعية (الوحي) التي تتجلى في نصوص قرآنية ونبوية صريحة هي أساس التشريعات والضوابط التي تحكم وتقيد تلك المبادئ والقيم، حتى لا تتحول (الحرية) وهي الأساس الفلسفي لليبرالية إلى فوضى فكرية وإباحية مقننة وهدر حقيقي لكرامة الإنسان، لكن دعاة الفكر الليبرالي العربي (المستنسخ) من الغربي أو الموهومين به لم يستوعبوا بعد هذا الفارق الكبير والمتضاد بين مرجعيتين حضاريتين، رغم أن هذا التضاد في (المرجعية) يتضح في مسارات حياتنا، في النظم الاقتصادية كالربا.. في الأحكام الجنائية كالرجم وقطع يد السارق.. في شؤون المرأة كالحجاب.. في المعاملات الاجتماعية كتعدد الزوجات.. وقِسْ على ذلك الكثير من الأمثلة الواقعية.
قياساً على ما سبق يمكن الإجابة عن سؤال الأستاذ عبدالمحسن الماضي: لماذا يُنظر إلى الليبرالية من البعض بهذه النظرة؟ يقصد (النظرة السلبية)، بأن السبب أنها نظرة تولدت من رحم الوعي بتعارض المرجعيات بين الإسلام والليبرالية، لأن الليبرالية (فكر) له أساس فلسفي هو (الحرية) ومرجعية حضارية هي (العقل البشري)، وليست (وسيلة) كما يتوهم البعض كحال الديمقراطية كي يتم إنباتها في تربتنا، فتاريخ الليبرالية يشهد أنها نتاج التحرر من السلطة الكنسية والتقاليد الدينية، من خلال الاعتداد بالعقل والاستقلال بالرأي، مع الإيمان بالأخلاق وهو يعكس فترة تاريخية حرجة في مسيرة الغرب الحضارية، تعود جذورها إلى فرنسيس بيكون (1561 - 1626م)، الذي كان له السبق في رفض تدخل الدين بالمعرفة، ثم ارتبط بالقرن الثامن عشر الميلادي الذي شهد مفكرين فلاسفة يمثلون التنوير، أمثال فولتير، وروسو، وجوته، وكانت وغيرهم.

محمد بن عيسى الكنعان



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved