Al Jazirah NewsPaper Friday  29/12/2006G Issue 12510زمان الجزيرةالجمعة 09 ذو الحجة 1427 هـ  29 ديسمبر2006 م   العدد  12510
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

أفاق اسلامية

أبناء الجزيرة

الرأي

الركن الخامس

عزيزتـي الجزيرة

سين وجيم

زمان الجزيرة

الأخيــرة

الجمعة 8 محرم 1393هـ - الموافق 11 فبراير 1973م - العدد (519)
مذكرات حاج

كنت في هذه السنة ممن حباهم الله بأداء فريضة الحج التي هي أحد أركان الإسلام الخمسة. والحج كما تعلمون فرصة طيبة لاسترجاع ثقة المؤمن بربه وبنفسه وبدينه. إن الحج يعيد للمؤمن صوراً حية عن الجهاد الشاق الذي بذله صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في نشر هذا الدين وتبليغ هديه للناس أجمعين، وهي صور لها شعورها وإحساسها وخاصة عند استرجاع ذكرياتها والتمعن في نقاطها.
إخوتي الأعزاء: من إحدى مناطق المملكة العربية السعودية شددنا الرحال وهيأنا العدة متوجهين صوب البلاد المقدسة ونحن نشعر بإيمان زاخر وبفرح فياض يطفح على وجوهنا وتبرق به أسرتنا أملاً بالتوبة وطمعاً بالغفران.. وما زلنا نواصل السير ونحن لا نفتأ بين الفينة والأخرى نتجاذب أطراف الحديث مع ابتسامات توحي بالمسرة والهدوء لو لا بعض الحزن الذي يخيم علينا في بعض الأحيان وذلك لكثرة ما نشاهده من حطام السيارات الذي اكتظت به قارعة الطريق.. وإن دل هذا الأمر على شيء فإنما يدل على جنون بعض السائقين الذين يرون السباق والعناد مهنة لهم وعادة في سيرهم مع أنه لو كان فيهم عقل لاتعظوا.. فالسعيد من اتعظ بغيره.. كل هذا حتى حاذينا الميقات فأوقفنا سياراتنا قرب أحد الحمامات التي توجد بكثرة في ذلك المكان ثم بعد ذلك سكبنا على أجسامنا الماء وعقدنا الإحرام ونحن ما ننفك نلبي بصوت قد ملأ السماء أجيجه.. ودوت الجبال بنغمات متناسقة على نسجه إكباراً لهذا النداء واحتراماً له.. ها أنذا أجول بين السيارات المتراصة في تلك البقعة التي ملئت بالحجيج.. الكل منهم قد اضطلع بإحرامه فتساوى الجمع بذلك بشكل يوحي بالتضامن والاتحاد.. أخذتني الدهشة إلى أن انهمك في سيري وأنا أرقب الحجيج بعين دامعة خاشعة متمنياً لهم حجاً مقبولاً وسيعاً مشكوراً.. وما زلت هكذا حتى كدت أقع على وجهي لوقوف حجر كبير في طريقي.. فطأطأت برأسي محاولاً اقتلاعه لإماطته عن الطريق ولكني خبت بذلك لوجود العشرات غيره في قطعة قد ارتفعت قليلاً عن أرض الميقات ومن خلال ذلك اتضح لي أنها (مقبرة) صغيرة لأهل الحي مع أن كثيراً من الحجاج قد تخطاها بقدميه لجهله بها ولعدم إظهار لوحة تبين اسمها.. وبهذه المناسبة لا يفوتني أن أرفع هذه النقطة.. إلى جهة الاختصاص راجياً.. أن يهتم بها كأي مقبرة.. إسلامية..
صعدنا الجبل (الهدى) ونحن نتعجب من شموخه وقوة الطاقة التي سيطرت عليه لتجعله طريقاً سهلاً متيسراً بينما كان جبلاً منيعاً بكل دونه الطرف ويصعب على الطير صعوده.. ولكن قوة الإيمان أن العميق الذي تتمتع به حكومتنا السعيدة جعلها تجسد من هذا الجبل طريقاً.. ميسوراً لوفود الله وضيوفه.. بمثل هذه الأفكار كنت أهجس وأنا أسير عبر هذا الطريق الذي اكتظ بمئات السيارات وقد علت أصوات الحجيج بالتلبية بأنغام لها وقعها في القلوب ولها صداها في الأنفس، فعلنا ما يجب علينا فعله من مناسك الحج وتوجهنا إلى منى وفي أحد زواياها شرعنا في بناء الخيام وفي حط الرحال متسابقين لفعل ذلك خشية أن يسبقنا أحد إليه وذلك لضيق الأرض التي انحصرت بين الجبال ولكثرة الحجاج الوافدين من أقطار الأرض، ولكن الله سبحانه وتعالى بارك لهم فيها ووفر لهم ما يشتهون.. ضيوفه ووفوده..
حين تم لنا الاستقرار والاستطان شرعت في الطواف بين الخيام وأنا مأخوذ بالنظام والاستعداد الدقيق الذي بذلته الحكومة لراحة الحجيج، وأن مثل هذه النفقات الباهظة الهامة التصاعدية التي تزداد عاماً بعد عام يجب أن لا تقابل بالجحود والنكران فهي حقائق ماثلة للعيان.. وفيما أنا أمعن في هذا التحديق وهذا التصويب إذ لمحت أكثر من طائرتين عموديتين من طراز (الهليكوبتر) وهن يحجبن الآفاق محلقات في سماء منى وقد أوكلت الحكومة السعودية الرشيدة لها مهمة تفقد الحوادث ونقل المرضى إلى المستشفيات خدمة للحجاج وتسهيلاً لأعمالهم في سيرى كنت أشاهد الكثير من المراكز البوليسية للمحافظة على الأمن ومراكز لجمعية الهلال الأحمر السعودي ونقاط أخرى كثيرة لخدمة الحجاج ولدعمهم بالأدوية التي تدفع مجاناً من قبل الحكومة حرصاً على صحتهم وتفقداً لأحوالهم.. مع وجود الكثير من الهيئات الشرعية التي تكتظ.. بالعلماء والمرشدين الذين ندبوا من قبل الحكومة السعودية لإرشاد الحجاج وافتائهم على ضوء السنة المحمدية ليكونوا على طريق واضح وعلى محجة بيضاء.. في اليوم التاسع من ذي الحجة توجهنا قاصدين عرفة لنقف فيها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وخضوعاً لله سبحانه وتعالى وعند وصولنا إلى هذا الموقف العظيم.. الذي ملئ بالحجيج الكل في ثياب لا فريق بين أميرهم وحقيرهم ولا بين غنيهم وفقيرهم ولا وضيعهم وجليلهم.
بل هم جميعاً سواسية كأسنان المشط في شكل واحد وفي لباس واحد حاسري الرؤوس شاخصي الأبصار داعين ملبين موحدين ومستغفرين يرجون الرحمة ويخشون العذاب. يا له من موقف ما أوحده وأكبره حقاً إنه موقف الرحمة وموقف الغفران.. تتجلى فيه روعة الإسلام وقوته.. إنه الموقف العظيم الذي يباهي فيه الله ملائكته.. هذا وعند انحدار شمس الأصيل.. نحو الأفق الغربي لتختفي وراء الآكام والظراب وتأذن للجميع بالانطلاق.. سارت بنا السيارة بين عشرات الألوف من السيارات متجهين نحو مزدلفة وفي طريقتنا شاهدنا الجنود السعوديين وهم ينظمون المرور ويحرسون الأمن بكل دقة وبكل اتقان. وحين تم وصولنا إلى مزدلفة قمنا لتأدية الصلاة ثم جلسنا سوياً نتجاذب أطراف الحديث.. ولقد دهشت حينما أبصرت الكثير من السيارات لا تتوقف إلا ريثما يلتقط ركابها الحصى ثم تواصل سيرها.. ولو رجعوا إلى كتب الفقة والأحاديث لرأوا أن فعلهم خاطئ وأن عملهم مشين.
حين طلوع الصبح وبعد جمع الجمرات اتجهنا صوب منى ونحن نلبي بأصوات عالية إلى أن وصلنا بسلامة وأمان فرمينا الجمرة دحراً لإبليس وجنده وأكملنا مناسك الحج بأحسن هيئة وعلى أوضح طريق ثم قفلنا راجعين ونحن نسأل الله سبحانه وتعالى.. أن يقبل حجنا وأن يغفر لنا ذنوبنا نحن وجميع المسلمين إنه سميع مجيب وبالدعاء جدير!!

عبد الكريم الصالح الطويان - بريدة



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved