البلدوزر قال يوماً: الذين يتمنون رحيلي سينتظرون طويلاً!
شارون الغائب ينازع الموت وأولمرت الحاضر ينازع الفشل

ما يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون يصارع الموت منذ أن أصيب بنزيف في المخ في تل أبيب ودخوله في غيبوبة تامة ونقله إلى مستشفى هداسا مساء الرابع من يناير 2006م. وكان شارون قال قبل إصابته تلك: (إن الذين يتمنون رحيلي سينتظرون كثيرا) وفعلا لم يمت شارون ولكن في المقابل رحل عن الحياة السياسية الإسرائيلية وإلى الأبد.
عبَّر الحلفاء السياسيون -شارون وخصومه- على حد سواء عن شعورهم بالصدمة والقلق. وقال إيهود أولمرت بعد افتتاح الجلسة الوزارية الطارئة التي عقدها في تلك الظروف (قوة إسرائيل ستمكنها من عبور هذا الموقف). وأضاف: نحن مستمرون في إدارة شؤون البلاد.. وأضاف: أريك (وهو كنية شارون) ليس مجرد رئيس وزراء وزعيم لكنه صديق مقرب منا جميعا.
أما عمير بيريتس رئيس حزب العمل فقد اتصل هاتفيا بأولمرت وقال إنه يضع نفسه تحت تصرفه وإنه سيفعل ما بوسعه للمساعدة.
من جانبه قال بنيامين نتنياهو الذي تولى زعامة حزب ليكود في أعقاب انسحاب شارون منه في نوفمبر 2005 ليشكل حزبه الوسطي الجديد إنه يصلي من أجل تحسن حالة شارون الصحية.
وفي واشنطن قال الرئيس الأمريكي جورج بوش: أنا ولورا نشاطر الشعب الإسرائيلي قلقه على صحة رئيس الوزراء ارييل شارون ونتمنى شفاءه.
رئيس الوزراء شارون رجل شجاعة وسلام، ونيابة عن كل الأمريكيين نبعث بأغلى التمنيات والاماني إلى رئيس الوزراء وأسرته.
من جهتها قالت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس: مشاعرنا مع رئيس الوزراء وأسرته والشعب الإسرائيلي، ونتمنى لرئيس الوزراء تمام الشفاء.
من جانب آخر قال منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا: نتابع عن كثب التطورات وليس بوسعنا إلا أن نتمنى كل الخير لرئيس الوزراء.
أما رئيس الوزراء الفلسطيني السابق أحمد قريع فقد قال إنه يتمنى له الشفاء العاجل.
وقال نبيل شعث نائب رئيس الوزراء الفلسطيني السابق إنه لا يعتقد في ظهور زعيم إسرائيلي مثل شارون مرة أخرى، وفي المقابل رأت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن العالم سيكون أفضل بدون ارييل شارون.
وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حركة حماس أن ما يجري لشارون يمثل قدر الله في الطغاة والأشرار، والمنطقة ستكون أفضل من دون شارون والعالم على وشك أن يتخلص من أحد ابرز قادة الشر في العالم.
من جهته قال خالد البطش القيادي في حركة الجهاد الإسلامي: سئم الله من شارون سفاح صبرا وشاتيلا وجنين فأراح كل الناس منه... لا نأسف عليه.
وقد كانت وفاة شارون في تلك الأيام أمرا محسوما حتى إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد بدأت على الفور استعدادها رسمياً للإعلان عن وفاة شارون إذ شرعت بترتيب إجراءات دفنه وجنازته في وقت تولى فيه أيهود اولمرت قيادة إسرائيل نيابة عن شارون الغائب وتسلم الأسرار العسكرية والنووية الإسرائيلية.
ولا شك أن غياب شارون قد أحدث فراغا سياسيا كبيرا، لم يكن من السهل على خليفته ملؤه. إلا أن أولمرت وهو أحد قدامى السياسيين الإسرائيليين، يعتبر من أهم شخصيات الليكود أكبر أحزاب اليمين القومي الإسرائيلي وأحد الأوائل الذين تبعوا شارون في قراره مغادرة هذا الحزب، حيث كان يواجه مقاومة الجناح المتشدد فيه للانسحاب من قطاع غزة، لإنشاء حزب (كاديما) (إلى الأمام) تمهيداً للانتخابات التشريعية التي أجريت في مارس الماضي.
كما كان أولمرت أحد أبرز مهندسي خطة الانسحاب من قطاع غزة التي نفذتها حكومة شارون في أيلول - سبتمبر 2005، إن لم يكن صاحب المبادرة في إطلاقها.
وقد استفاد أولمرت من التعاطف الشعبي الإسرائيلي مع حالة شارون الصحية وحقق حزبه (كاديما) فوزا كبيرا في الانتخابات الإسرائيلية التي جرت في الثامن والعشرين من مارس الماضي.
إلا أن أولمرت لم يصادف في عمله إلا الفشل، فمن فوز حماس بالانتخابات التشريعية بعيد توليه رئاسة الوزراء بالإنابة، إلى الفشل الذريع في حربه على لبنان، فضلا عن فشله في استرداد الجندي الأسير جلعاد شاليت من أيدي مقاتلي حماس.