| |
من أحلام العظمة إلى اتهامات بجرائم ضد الإنسانية صدام.. القائد الهمام في 1979 والمحكوم بالإعدام في 2006
|
|
أراد صدام حسين الذي صادقت محكمة التمييز العراقية يوم السادس والعشرين من ديسمبر 2006 حكم الإعدام الذي صدر بحقه أن يكون البطل الذي يقود العرب إلى المجد والقائد العظيم للعراق. وجاءت نهاية عبادة الشخصية التي أحاطت (بالقائد العظيم) وفرضت على العراقيين بقسوة ليؤمنوا أنه مزيج من القائد العربي صلاح الدين الأيوبي محرر القدس، الذي ولد في تكريت، ومن ملك بابل نبوخذنصر، حين اعتقل في 13 كانون الأول - ديسمبر الماضي في حفرة شمال بغداد. ومن هذه الهالة التي أحاط نفسه بها، لم يحتفظ صدام سوى ببعض السلوك المتعالي. ولم يتردد خلال مثوله أمام قاضي التحقيق مطلع أيلول - سبتمبر الماضي في التأكيد على أنه (رئيس جمهورية العراق والقائد الأعلى للقوات المسلحة) ومناقشته في الموقع الذي يشغله والجهة التي عينته فيه ورفض التوقيع على الاتهامات في غياب محام. وفي سجنه الذي كان على ما يبدو قرب مطار بغداد، حيث تقع واحدة من أكبر القواعد الأمريكية في العراق، ارتدى دشداشة، اللباس التقليدي في ريف العراق بدلاً من بزاته الأنيقة. استسلم صدام حسين من دون إطلاق رصاصة واحدة أاو مقاومة على الرغم من أنه وعد العراقيين ب(الموت في هذا البلد والحفاظ على شرفنا الذي نستمده من شعبنا). ولد صدام في 28 نيسان - أبريل 1937 في قرية العوجة، قرب تكريت (150 كلم شمال بغداد) من عائلة سنية عربية. عاش طفولة صعبة، إذ توفي والده وهو لم يكمل التاسعة فتولى خاله تربيته وأرسله إلى بغداد للدراسة. ومن الفقر وضيق الحال ينتقل صدام للعيش في أبهة القصور وفخامتها. قبل أن يدفع ثمن تحديه للقوة العظمى الأمريكية بهزيمة وإهانة مع جرجرة تماثيله في الوحل وصوره الممزقة والملطخة أو المحروقة. قال دبلوماسيون إن صدام الذي خاض حرباً دموية ضد إيران (1980 -1988) وهزم في حرب الخليج الأولى (1991) كان متفنناً في البقاء وبارعاً في فن تحويل كل هزيمة إلى انتصار وكل كارثة إلى عيد. ومع كل مرة أمطرت فيها الولايات المتحدة بغداد بعدد كبير من الصواريخ والقنابل في كانون الأول - ديمسبر 1998 وقبل ذلك عامي 1996 و1993 ، وكان يشاهد وهو يعلن انتصاره. كانت واشنطن ولندن تأملان في رؤيته مطروداً من السلطة عبر انتفاضة داخلية لكن صدام عرف كيف يقمع بالدم والنار انتفاضتي الجنوب الشيعي والشمال الكردي بعد انتهاء حرب الخليج. بدأت شهرة صدام حسين في شبابه لدى مشاركته في محاولة اغتيال الرئيس الأسبق عبد الكريم قاسم عام 1959 . وأصيب خلال المحاولة في ساقه وفرَّ إلى الخارج لكي يعود بعد أربعة أعوام قبل أن يلقى في السجن عام 1964 إلا أنه تمكَّن من الفرار لمعاودة نشاطه السري لحساب حزب البعث. شارك عام 1968 في الانقلاب الذي حمل الحزب إلى السلطة الأمر الذي شكل بداية صعوده واعتباره بمثابة الرجل القوي في نظام الرئيس الأسبق أحمد حسن البكر. وبعد توليه منصب الأمين العام المساعد في حزب البعث، تم تعيينه عام 1969 نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة ولم يتوقف منذ ذلك الحين عن تعزيز نفوذه. صار صدام الرجل الأول في العراق في 16 تموز - يوليو 1979 ، جامعاً في شخصه مناصب رئيس الدولة والأمين العام للحزب ورئيس مجلس قيادة الثورة. ولم يبد صدام تساهلاً حيال أي محاولة للانشقاق فضاعف حركات التطهير باعثاً بمعارضيه إلى القبر أو المنفى، كما استطاع فرض نظامه بواسطة البطش والوحشية. كما شجع الوشايات وعمل على إخضاع وسائل الإعلام بشكل كامل. ومنح الرجل الذي (يوحي بالخوف) نفسه رتبة مشير، رغم رسوبه في امتحانات الكلية العسكرية في شبابه، وعيّن نفسه قائداً أعلى للقوات المسلحة التي سرعان ما اكتسحتها القوات الأمريكية الربيع الماضي.
|
|
|
| |
|