بينما كنت أتصفح الشبكة العنكبوتية الانترنت هاتفني أحد الأصدقاء المولعين بجمع ما ندر من الشعر الشعبي القديم.. سلم على عجالة وطلب مني أن أبحث له عن قصيدة نادرة وقديمة لم يذكر لي سوى شطر بيت منها كما طلب أن أبحث له عن شاعرها.
في هذه الأثناء قمت بكتابة شطر البيت المذكور في أحد محركات البحث المشهورة وما هي إلا لحظات حتى ظهرت لي القصيدة في أربعة مواقع شعرية وباسم شاعرها.
مازال صديقي يشرح لي كيف أنه بحث عن هذه القصيدة عند كثير من الرواة ولم يستطع الحصول عليها ووجهني بأن أسأل عنها كبار السن.. قاطعته بسرعة وقلت له: ولماذا لم تسألني أنا؟.. رد بصوت غاضب: قلت لك إنها قصيدة قديمة جداً لم أجدها عند كبار الرواة!!. قلت له بهدوء: ولكنني أحفظها وأعرف شاعرها.. رد بنبرة ساخرة: أعطنا مما أعطاك الله.
سردت له القصيدة كاملة وذكرت له شاعرها وسط خليط من مشاعر الدهشة والسعادة بالقصيدة التي استغرقت منه جهداً كبيراً في البحث والتحري يجدها فجأة وفي وقت وجيز!!. فما لبث أن اعتذر لي حيث أمليتها له هاتفياً.
بعدها بأيام قليلة هاتفني مرة أخرى وطلب مني قصيدة أخرى لأحد الشعراء القدامى ولكن هذه المرة بلهجة توحي بقناعته بقدراتي الروائية الخارقة، طلبت منه أن يمهلني دقائق حيث قمت بالبحث عنها بنفس الطريقة الأولى واستطعت الحصول عليها كاملة وباسم شاعرها.
نقلتها له كاملة وسط سيل من عبارات المديح والثناء وهنا انتهت المكالمة.
ما أردت الوصول إليه من هذا الموقف هو أن الانترنت أصبح مرجعاً مهماً للشعر فما عليك إلا أن تضع بعضاً من كلمات القصيدة أو اسم شاعرها في احد محركات البحث الرهيبة وستجدها في أكثر من موقع الكتروني ويعود الفضل لله ثم للقائمين على منتديات الانترنت الشعرية وأعضائها الذين نجحوا بجهد جماعي غير منسق أن يضعوا هذا الكم الهائل من الشعر على الإنترنت.
في المقابل لم ينصف الكتاب هذه المنتديات والقائمين عليها وأعضاءها بل العكس انتقدوها وسلطوا الضوء على سلبياتها وغضوا طرفهم عن الإيجابيات التي من أهمها وضع أغلب القصائد في وعاء واحد يستطيع الباحث البحث من خلاله وهو ما كان من المستحيلات إلى وقت قريب.
كما ينبغي لنا ألا نتجاهل دور الصفحات الالكترونية الشعبية في الصحف المحلية والخليجية فهي تقوم حتما بتوثيق القصائد على الانترنت حين نشرها وربما تكون أكثر مصداقية من المنتديات الشعبية في أغلب الأحيان.
هناك نقطة أخرى يجب أن نتنبه لها عند بحثنا عن قصيدة في الانترنت وهي أنه في أغلب الأحيان تجد القصيدة في أكثر من موقع ومنتدى يجب عليك قراءتها في موقعين أو أكثر وذلك لنقل بعض القصائد غير مكتملة أو مختلفة في بعض الألفاظ فما عليك إلا أن تقارن بين النقل والنقل الآخر لتأكيدها وتصحيحها إن كانت تحتاج إلى تصحيح.
بعد هذا كله ألا تستحق الانترنت الشعبية أن يطلق عليها (راوية العصر).
عودة أخرى لصديقي العزيز وسؤال أخذ يؤرقني وهو إذا ما سألني عن قصيدة ما في مكان لا يوجد به انترنت حينها ماذا سأقول له؟!
وقفة: