* جدة - صالح رضا:
كنت قد تابعت جزءاً من زيارة رئيس نادي برشلونة لنادي الاتحاد، وقد دهشت من تلك الفرحة الغامرة التي غمرت إخواننا الاتحاديين كبيرهم قبل صغيرهم .. قهقهت وضحكت من قلبي وأنا أرى رئيس الاتحاد منصور البلوي وهو يقاوم الجاذبية اللعينة ويعاند في صبر وجلد وهو يسابق رئيس برشلونة الأنيق والرشيق.
ذهلت من هذا الإنجاز في نظر أبي ثامر وكأنّه قد أتى بالذيب من ذيله (حسب المثل الشعبي) .. وتذكرت بيت الشعر الذي يقول:
على قَدْر أهل العَزْم تأتي العَزائمُ |
وتأتي على قَدْر الكِرامِ المكارِمُ |
وتَعْظُمُ في عَين الصغير صغارُها |
وتَصْغَرُ في عَين العظيم العَظَائِمُ |
تداعت إلى ذهني ذكريات قد مر عليها ما يقارب العشرين عاماً .. تداعت مواقف من مكامن الثقة بالنفس التي يتحلّى بها عضو الشرف الأهلاوي الكبير صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز .. فالثقة بالنفس هي الركيزة لإنجاز الأعمال الكبيرة .. فقد استقدم خالد أعلى وأغلى وأكبر منتخب في العالم .. نعم أكبر منتخبات العالم ألا وهو منتخب البرازيل العتيد في وقت كانت الأندية الأخرى تحضر موردة أم درمان ووحدة تعز واتحاد الحديدة وشباب عدن، بينما الأهلي ممثلاً في العضو التاريخي والاستثنائي الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز سيحضر بعون من الله منتخب البرازيل بقضه وقضيضه، وقبل حضور المنتخب العريق شكّك المشكِّكون وتلعثم المتلعثمون وأحبط المحبطون وتساءلوا هل الأهلي سيحضر منتخب البرازيل؟.
وكانت الإجابة في مساء ليلة جداوية جميلة، وكانت ليلة ثلاثاء ترجّل المنتخب البرازيل العتيد والعظيم على أرض إستاد الأمير عبدالله الفيصل في كرنفال أهلاوي برازيلي لا يتكرر .. فقد حضر البرازيليون أهل فنون وبطولات كرة القدم .. حضروا بعمالقتهم وصحافتهم ومعلقيهم وصحفييهم وفنييهم .. إنّهم دولة بحالهم أحضرهم الأمير النبيل خالد بن عبدالله دعماً للحركة الرياضية في المملكة .. ومع ذلك وفي غمرة كلِّ تلك الأحداث التي تخطف الألباب قبل الأبصار، كان الأمير هادئاً كعادته، واثقاً بفكره الذي جعله سباقاً لكلِّ ما هو متميّز في الرياضة عامة وفي كرة القدم تحديداً وذلك في أجمل وأكمل صورة، ثم يأتي المتأخرون بعد حقبة طويلة ومديدة ليحققوا ما يظنون أنّه إنجاز بمقابلة إداري أو مدير كرة أو أمين الصندوق أو أي كادر وعلى بالهم بأنّها تقترب من إنجازات ذلك العضو الاستثنائي في تاريخ الرياضة السعودية.
ومع ذلك الإنجاز الذي لا يتكرر، كان رمز الأهلي الكبير قمة في التواضع ونكران الذات، فهو من يجعل الإنجازات تتكلم عن نفسها ثم يراقب الإنجاز وهو يسير في الطريق الذي رسمه .. فالعظام الواثقون في أنفسهم وأعمالهم ومنجزاتهم هم كذلك لا يسيئون لأحد ولا يظهرون برداء النرجسية ولا يعقدون المؤتمرات الكلامية، بل يدعون إنجازاتهم هي التي تتكلم.
هذا ولم يكتف خالد بذلك الإنجاز المدوي، فمنتخب بحجم المنتخب البرازيلي يحضر بجيش جرار إلى المملكة كأول بلد عربي وإسلامي وآسيوي يلعب فيه ويستعرض على أرضه أكبر منتخبات العالم الكروية مجداً وكؤوساً وفناً وسحراً، لهو إنجاز لا يتكرر خاصة في ذلك الوقت وعلى أيام الموردة والمريخ ووحدة تعز واتحاد الحديدة.
قلت لم يكتف الرأي السديد بذلك المنتخب بل أحضر فرقاً ومنتخبات كنا نسمع عنها في المذياع أو نقرأها في الصحف أو نراها لقطات في نشرة الأخبار.
وتلا ذلك إنجاز آخر لصاحب الفكر المؤثر .. لذلك الواثق في الله ثم نفسه، وكرر دعوته للمنتخب البرازيلي وحضر إلى جدة مرة أخرى .. ثم حلّت الاحتفالات باليوبيل الذهبي للنادي الأهلي .. فكانت كرنفالات لا تتكرر إلاّ كل خمسين حولاً .. فقد رأينا مارادونا وخوليت والعديد من نجوم الكرة في العالم موجودين في القلعة الخضراء .. وتلك قصة أخرى .. سأرويها في خطرات أخرى!.
|