| |
تشكيل مجلس نادي الباحة الأدبي ما له وما عليه
|
|
أخيراً بعد مخاض عسير انتهى تغيير تشكيلات مجالس أعضاء الأندية الأدبية في المملكة.. سنتان أو أكثر والناس يترقبون التغيير السلحفائي لوكالة الوزارة للشؤون الثقافية ومما يأسف له العقلاء أن وتيرة التغيير البطيئة في شأن عادي كتشكيل أعضاء مجالس الأندية الأدبية قد أخذت كل هذا الوقت. أما ما وُجه إلى الفعل التغييري من تقويم سلباً أو إيجاباً فما زالت أصداؤه لما تنته بعد، وإن كان هذا التغيير قد فَقَدَ هويته التغييرية منذ الوهلة الأولى باعتماد طريقة التعيين فكان ما حدث يُمثِّل نكوصاً أو رجعية وتأخُّراً حتى عن أنظمة الأندية الأدبية نفسها، التي جعلت الانتخاب هو السبيل إلى عضوية الأندية منذ بداية إنشاء منظومتها.. وهنا لن أُعمم الحديث عن تشكيلات مجالس الأندية الأدبية في مناطق المملكة المختلفة، فبعضها كان موفَّقاً جزئياً، وبعضها حالفه التوفيق كثيراً، وبعضها لا أعلم عن الأسماء المطروحة فيها شيئاً وقد كان عامل الوعي الاجتماعي والثقافي عند المسؤولين في تلك المناطق عاملاً مهماً في تخفيف سلبيات التعيين وإعطاء وكالة الوزارة للشؤون الثقافية مساحة رحبة في اختيار الأسماء. وإنما سيكون الحديث عن تشكيلة نادي الباحة الأدبي التي تأخَّرت كثيراً وأصبحت كسلحفاة تمشي على ثلاثة وبرجل رابعة وضعها الله أعلى أنفها. هل هناك فعلاً أسباب واضحة لتأخُّر التشكيلة؟ ما مدى التوفيق في طرح الأسماء المعينة من الوزارة؟ لقد اتضح من خلال الأسماء التي طُرحت في التشكيلة أن لا مبرر وجيهاً لتأخُّر تشكيلة نادي الباحة الأدبي إلا لوجود صراعات حول أسماء هي أكثر هزالاً من المطروح، لكن تضارب المصالح والصراعات الخفية كانت تدور لأيهم أكثر نفوذاً.. أما الأسماء التنويرية الحقيقية فقد جرى استبعادها منذ البدايات الأولى، فمنذ عام وأحد أعضاء المجلس الجديد يُصرِّح ويُلمِّح أنه عضو في التشكيلة وقد كان، والشيء ذاته مع اثنين من أقرباء بعض الأكاديميين. أما مدى توفيق وكالة الوزارة والجهة المسؤولة في منطقة الباحة في تدقيق الأسماء فسأدع القارىء يحكم بنفسه ولا يسمع ما يُشاع عن كاتب هذا المقال بأنه لا يعجبه شيء، أو أنه ينحو نحو الطرح الشخصي، لأن معظم نقدي لمجلس النادي السابق ومخرجاته الهزيلة كان لا بد فيه من تعرية القائمين على المنجز ليتضح السبب، ثم إن المقال هنا يُعالج مسألة ترتبط باختيار أشخاص. على العموم فالمجلس المُشكَّل حالياً هو أفضل من المجلس السابق، وأُهنىء أعضاءه وأرجو لهم التوفيق، وإن كانوا في الأغلب من العاملين في النادي سابقاً إلا عضواً تربوياً واثنين من المتقاعدين أي نسبة التغيير الحقيقة هي 3، لكن معظم الأعضاء كرأي لكاتب المقال وليس للقارىء لا يستحقون العضوية في المجلس لما سيأتي: - لم يُختر من قسم اللغة العربية في كلية المعلمين أي اسم وفي قسم اللغة العربية في الباحة توجد أسماء كثيرة من بينها الأسماء التالية التي لها اهتمام واضح بالثقافة والأدب: 1 - المحاضر سعيد الجعيدي كانت أطروحته في الماجستير تخصص أدب سعودي عن الأديب اللامع أحمد السباعي وهو قد أوشك على مناقشة الدكتوراه حول الفضاء في السيرة الأدبية السعودية، ويُعد الجعيدي من أميز المثقفين في المنطقة وأكثرهم علماً بالأدب والنقد. 2 - الدكتور حزام سعد الغامدي رسالته في الماجستير عن الاتجاه الإسلامي في شعر البهكلي، ورسالته في الدكتوراه في البلاغة. 3 - المحاضر عبد الرحمن السلمي وكانت رسالته في الأدب القديم حول شعر الأسر عند المعتمد بن عباد وابن زيدون. 4 - الدكتور جمعان عبد الكريم كانت رسالته في الماجستير في اللهجات العربية وقد أصدرها في كتاب له علاقة وثيقة بالتطور العلمي في المنطقة.. أما رسالته في الدكتوراه فلها علاقة بأحدث تخصص علمي له علاقة بالنقد الأدبي وهو لسانيات النص. 5 - الدكتور عبد الهادي الغامدي رسالته في الماجستير والدكتوراه في النحو العربي القديم، وقد تعاون مع النادي الأدبي في السابق وقد صنع المستحيلات حتى يُعيَّن فلم يُعيَّن ولم يشفع له كل ما عمل لأنه يفتقر للدعم من بعض الجهات المشرفة على التدقيق في الاختيار. وهناك أكاديميون غيرهم في القسم يصل بهم العدد إلى 10.. أما الأكاديمي الوحيد الذي عُيّن فهو عميد كلية المعلمين الذي هو عضو في أغلب مجالس المنطقة ولجانها وتخصصه في التربية الإسلامية! والأدب والثقافة في وادٍ وهو في وادٍ آخر.. وهو عضو مُعيَّن في المجلس البلدي، ونائب لرئيس المجلس ومدير لجمعية تحفيظ القرآن، ونائب رئيس جمعية البر الخيرية في بني سار، وعضو لجنة الأوقاف، وعميد الكلية، وعضو لكثير من لجانها المختلفة، وذو علاقة بلجان في وكالة الوزارة للمعلمين تُوفد سنوياً للتعاقد خارج المملكة، وعضو الحكومة الإلكترونية في منطقة الباحة، وهو عضو في لجان أخرى داخل المنطقة لا أعرفها بالإضافة إلى أنه إمام وخطيب جامع بني سار - اللهم لا حسد -، لكن ما الذي سيقوم به هذا الأكاديمي الوحيد في النادي في الرقي بالعمل الثقافي والأدبي وتمييز النتاج الرديء أو الجيد واختيار أهل الكفاءة لتحكيم الأعمال، وهل هو المتخصص الوحيد في المنطقة في اللغة والأدب حتى يُعيَّن أيضاً في عضوية النادي. ولمقارنة ما فعلته وكالة الوزارة في موازنتها العنصر الأكاديمي في تشكيلات المجالس تؤخذ تشكيلة نادي أبها كأقرب تشكيلة، أو تشكيلة نادي الطائف، أو تشكيلة نادي جازان، لندرك أن الأكاديميين هم ثلاثة أو أكثر في تلك النوادي من أقسام اللغة العربية في كليات المعلمين هناك!! فلماذا لم يختر أي عضو من قسم اللغة العربية في نادي الباحة؟ قد تكون الإجابة عند القارىء فليس عندي إجابة حتى لا أُتهم بأني لا يرضيني شيء. أما بقية الأعضاء فهناك في التشكيلة اثنان من كبار السن المتقاعدين عن العمل في الإمارة وفي وزارة الصحة يشدوان شيئاً من الأدب، وكتابتهما بمنتهى الضعف ويحتاجان إلى أن ينضما إلى رعاية الموهوبين عند أحد مدرسي المرحلة الثانوية حتى يدلهما على بداية الطريق ويضع أقدامهما على الخطوة الأولى. وهناك عضو متخرج من معهد المعلمين أي يحمل ما يوازي الشهادة الثانوية وليس له أي نشاط معتبر إلا علاقاته العامة، في حين أن الآخر مدير مدرسة تخصص جغرافيا وشعره متوسط لا حار ولا بارد، كلاسيكي، قليل القراءة، قليل الوعي بالتطور الثقافي والأدبي الذي يدور من حولنا. وهناك مشرفان تربويان أحدهما صحفي قدير وثلاثة مدرسين.. هل هذه هي التشكيلة التي تمخضت فكانت ولادتها أحجية الأحاجي وهي شغل الصحافة الشاغل إلى أن تمت بعملية قيصرية؟ احكم أيها القارىء العزيز وألق اللوم أو الشكر كيفما أردت.. أما كاتب هذا المقال فلا يلوم الذين رشحوا هذه الأسماء، وهم يعملون في بعض الجهات الرسمية فهم موظفون، وقد حكم الترشيح قوة النفوذ أو عدمه أي كانت المسألة مسألة نفعية منذ القرار الأول. لكن اللوم يتضاعف ليصبح مرارة - تتشكَّل كجدار غليظ - على بعض الأكاديميين الذين كانوا قريبين من الوزارة واستشارتهم الوزارة في بعض الأسماء فرشحوا أقرباءهم، وليسمح لي القارىء أن أقول لهما: يا أيها البروفسور وأيها الدكتور لقد أثبتما (وأنتما لا شك قد ألقيتما محاضرات في الأدب المقارن) أن الشرق شرق وأن الغرب غرب ولن يلتقيا أبداً.. أما الذين ذهبوا ضحية تعيين هذه الأسماء فدعوني أستعير عبارة الكاتب المبدع محمد الراشدي التي استعارها وأضيف عليها فأقول: (اللهم اغفر لي ولمن يسمع حاشا الشيطان وأبا الأصبع فقد وقع الفأس لمدة سنوات أربع أكتع أبصع أجمع). ووالله لقد كنت أتمنى أن يُعيَّن الراشدي لقربه من المنطقة نائباً لرئيس النادي ويُكلَّف بالقطاع التهامي كاملاً، لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه. وإذا اتضح لديك أيها القارىء المنصف وجه الحق واتضح لكل شريف أبي النفس فدع سعادة وكيل الوزارة وبعض مستشاريه والأكاديميين الذين فرطوا في شرف أكاديميتهم إذا حضروا لعقد ما يُسمى بالانتخابات أن يأخذوا شيئاً من نتاج الشعارير الخمسة، وشيئاً من قصص القاصين، وشيئاً من نظريات العصف الذهني عند التربويين المميزين ليحللوا كل ذلك في معامل الوزارة وليعلنوا نتائجهم على الملأ.. ولا سامح الله من غَشَّ أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وكلمتان أخيرتان خفيفتان على الإنسان ثقيلتان على غيره.. إحداهما لمن سموا أنفسهم شعراء أو أدباء أو مثقفين، وهم أتوا بالطريقة التي يعرفون كيف تقنعون أنفسكم بالمبادىء والمُثل وأنتم عنها غرباء. أما الثانية فهي لكل مثقف عزيز النفس كريم الخصال: مثل هذا النادي الذي أوهمنا بأنه أفضل من السابق هو عقبة في وجه التطور إلى مراقي الرفعة.. إن كنت منصفاً فقاطع هذا النادي.. قاطعه حتى تأخذ موقفاً في مدة السنوات الأربع ليعلموا أن ما يُبنى بهذه الطريقة لا وزن له ولا قيمة. أما الضحية الحقيقية للتشكيلة الجديدة فهم ثلاثة من أبرز المطالبين بتغيير الأندية الأدبية في المملكة ومن أشهر المهتمين بثقافة المنطقة الزميل الدكتور علي الرباعي، والزميل الأستاذ غرم الله الصقاعي، وكاتب هذه السطور. فهل لكم أن تسألوا عنهم اجتماع الأدباء السعوديين الثاني.. هل لكم أن تسألوا عبد الفتاح أبو مدين الألمعي عمن قدَّم له ورقة من هؤلاء عام 1416هـ يضع فيها معايير للانتخاب.. هل لكم أن تسألوا من أسس أول صالون أدبي في المنطقة.. هل لكم أن تسألوا الصحف السعودية عن نشاط هؤلاء الثلاثة.. هل لكم أن تسألوا (المستر قوقل) عن هؤلاء الثلاثة، وعن أعضاء النادي الأدبي لتعلموا مدى الفرق؟ في النهاية قد تشكّل ما تشكّل، لكن المرجو أن لا تكون لائحة الانتخابات بعد أربع سنوات مفصَّلة على مقاس بعض الأسماء. وأطمئنك أيها القارىء أنني لن أرشح نفسي لها، ولن أقبل عضوية أي إدارة رسمية بعد أن جرى ما جرى في طريقة تشكيل مجلس نادي الباحة الأدبي، إلا إذا كان ذلك بطرق منصفة نزيهة تضمن لكل ذي حق حقه، وتضمن إعطاء الفرصة للجميع بمعايير مضبوطة. فسلام عليك أيتها الثقافة إن كنت أنتِ بهذا الفستان الشديد الحبك والتثقيف، لكن عورتك شوهاء واضحة من تحت ومن عل.. وسلام عليك أيها الأدب إن أصبحت بهذا الثوب الذي يتلوَّن كما يتلوَّن كثير من الحشرات. ويُقال دع عنك المثالية.. كن براغماتياً.. فأقول لماذا براغماتية أمريكا تصعد بها إلى القمر، وبراغماتيتنا تشدنا إلى وحل؟
د. جمعان عبد الكريم -دكتوراه لسانيات النص ص.ب الباحة 1191
|
|
|
| |
|