| |
الاثنين 23 محرم 1393هـ الموافق 26 فبراير 1973م العدد (532) وطني.. وطني علي صالح الخزيم
|
|
** يا لؤلؤة مكنونة في محارة قلبي حبا.. يا من أضأت لي الطريق بهجة وحبوراً - لقد آليت على نفسي ألا أبيعك.. يا من عشت بفؤادك وترعرت على تبرك وبين خضنك الرحب الفسيح لتقيم في ذاتي نوراً يضيء على جوانحي. ويشع في آفاق مسيرتي وعلى دربي. لتجعل الشوق يهزني للقائك واللهف يذكرني بوجودك حين يرمي النوى بشخصي ويقذفني بعيداً محاولاً تطويف ما يحول بخاطري من توق لرؤياك، ومبدداً ما احتفظت به في فؤادي ورمشته بكل أجزائي من ذكرياتك الحلوة التي ترنحت بي أياما وليالي تحت سمائك الصافية المكللة بالكواكب اللامعة. المتلألئة في هدوء الليل وسكونه وكأني بالقمر يدفعه الشوق للخروج من مكمنه ليرسل شعاعه الخفي إلى أرضك البيضاء الفضية الناصعة وإلى نعومة تبرك المتناثر روعة. ليرسخ في مخيلتي حبك بقية الدهر وتتراءى طلعتك نصب عيني إذا حالت الأيام بيننا - كما لو كنت عن كثب لهدء أنس فضلك علي، فأنت وطني الغالي الدائم في فؤادي مهما قالوا عنك أو رأوا فيك كرهاً. فأنت العظيم القدير بروحي الجليل المقام بذاتي المحفوف اسمك بألوان التيحان وقد وضعته أمامي حتى أتذكرك كل مرة وأهتف ألف مرة لتدوم الحياة البريئة المطلقة العنان إنها طفولتي قضيتها في كنفك في ظل أغصانك الباسقة وشجيراتك المتبخترة المترعة على نسمات هوائك العليل. وبين تلثيم ورودك وزهورك المتفتحة مع انبلاج فجرك. وابتسام شمسك بخيوطها العسجدية المتواضعة وعلى سماع طيورك المغردة بجوك الهادئ، لقد شربت من مائك الزلال الذي نميت على عذوبته وفتح فكري جمال منظره وأخذ بلب قلبي وأنا أسبح في وسطه.. وكم خاطبت ما يحلو لي مخاطبته من أصدقاء عرفتهم وزملاء رافقتهم على طياته وأقرباء قضيت معهم الأوقات برحابة، إنه وطني الثمين ويجب أن يكمن ثميناً كما هو لأسعى من أجلك وأبزل لرفع شأنك ما قدرت. سأعود إلى ماضي ذكرياتي فأبعثها جديدة كما قبل، سأعود إليك يا وطني الحبيب مرة أخرى على أن أحط الرحال بساحتك وأحزق النوى وأمضي على محاولة انتشاله وجودي وإقامتي فوق أرضيك. لأسعد ما بقيت الدهر وأبهج نفسي بمرآك وأتلذذ بكل خطوة أخطوها وأنا أشهد التقدم يعلو بك والازدهار يعانقك. لتكتسب من معالم الحضارة خيرها وتنال الرقي على غيرك مستقبلاً فيا له من منظر رائع يغمرني وجمال يدهشني..
|
|
|
| |
|