| |
حتى لا تتفاقم المشكلة وتأخذ طريقاً مسدوداً عبدالرحمن عقيل المساوي - إخصائي اجتماعي
|
|
قرأت كثيراً عن أمراض الذكورة لدى الرجال، ومنها الضعف الجنسي وأسبابه النفسية والعضوية وكذلك مشكلة سرعة القذف أو تأخره وعدمه أحياناً وأسباب ذلك أيضاً، ولما لهذا الموضوع من أهمية قصوى في حياتنا الشخصية والأسرية والاجتماعية وحتى الاقتصادية، فقد أحببت أن أدلي بدلوي في هذه القضية وأشارك برأيي حول هذا الموضوع الذي يهمنا جميعاً ذكوراً وإناثاً دون استثناء.. فالحديث عن العلاقة الخاصة بين الزوجين حديث ذو شجون وذلك لأسراره وخفاياه الكثيرة وخصوصيته المطلقة والغامضة في كثير من الأحيان. وأنا متأكد من أن الكثير يريد بل ويتمنى أن تناقش كل هذه الأمور، ولكن الحياء والخجل وعدم الثقة بالنفس والحرج من الخوض في مثل هذه القضايا المحرمة اجتماعياً، وكذلك الخوف من فقدان المكانة الاجتماعية والهيبة والتهكم والسخرية والازدراء من قبل الآخرين يجعل كثيراً منا يحجم عن البوح بمشكلاته من هذا النوع، وربما فضل أن يعيش بها طوال سنين عمره، ويكتوي بنارها ويحرم نفسه من شيء أحله الله له وشرعه لعباده على أن يبوح بتلك الأسرار التي يعدها فضيحة شخصية في المقام الأول ثم أسرية واجتماعية، وربما رأى أنه من الحرام أن يظهرها على السطح أو يفكر في علاجها، خصوصاً أن بعض أفراد المجتمع لا يضفي صفة الرجولة على الشخص إلا إذا كان قوياً ومعطاء من الناحية الجنسية، ويستطيع إشباع الطرف الآخر بغض النظر عن أي صفات رجولية أخرى، فيقول هذا رجل أو رجال لمن يتمتع بذلك فقط وما عداه لا يعد في نظر الكثير رجلاً، وهذه مصيبة كبرى!! ودعوني أتحدث بكل صراحة وشفافية عن ذلك الجانب الذي يخجل منه كثير، وربما الجميع ويعود ذلك لأسباب شخصية وتربية وتنشئة اجتماعية وعادات وتقاليد ومبادئ وأعراف اجتماعية يعرفها الجميع وليس هذا المجال لذكرها.. فهي كثيرة ومتشبعة وكل منها مرتبط بالآخر، وستأخذ منا صفحات طوالاً.. ولكن سأحاول جاهداً أن أتطرق لهذه القضية التي تؤرق مضاجع الكثير وتحرمهم السعادة الزوجية وتؤدي إلى مشكلات كثيرة ربما تقوض عش الزوجية وربما تهدمه حتى قبل أن يكتمل.. وللأسف فإن السكوت على مثل تلك المشكلات سواء أكان ذلك السكوت إجبارياً أو اختيارياً هو الأمر الذي يزيد الطين بلة، ويزيد القضية تعقيداً ويفاقم المشكلة حتى إننا لا نستطيع أن نجد لها حلاً أبداً، وتصبح مستعصية حتى على أمهر الإخصائيين.. ولكن لو لم ندس رؤوسنا في الرمال ونخاف من هذه المشكلة ونتحرج منها كثيراً ونحيطها بالسرية والكتمان، بل نحاول مواجهتها بكل شجاعة منذ البداية وبأسرع الطرق وأنجح الحلول، لما كانت كل هذه المشكلات بين الزوجين، ولما ارتفعت نسبة الطلاق بهذا الشكل المخيف ولما أحجم كثير من الشباب عن الزواج خوفاً من الفشل، ولما امتلأت أروقة المحاكم بمثل تلك القضايا.. ولنكن صريحين أكثر، فمعظم المشكلات التي تحدث بين الزوجين وداخل الأسرة تكون نتيجة للفشل في ذلك الجانب المهم سواء من قبل الطرفين أو أحدهما.. فإن صلحت هذه النقطة بالذات صلحت كثير من أمور حياتنا الزوجية والأسرية وحتى الاجتماعية، وإن فسدت فسد كثير من أمورنا الزوجية والأسرية والاجتماعية، فالطرفان الزوج والزوجة يمكن أن يتنازلا عن كثير من الحقوق والواجبات والرغبات والاحتياجات الحياتية أو الشخصية إذا ما أشبع ذلك الجانب لدى الطرفين معاً.. ولكن إذا ما اختفى ذلك الأمر لدى الاثنين أو أحدهما على الأقل، فإن الدنيا تقوم ولا تقعد وتظهر كثير من المشكلات بين الزوجين داخل الأسرة ويصبح التوتر والقلق والاضطراب والشرود الذهني والبرود العاطفي والطلاق العاطفي والعصبية لأتفه الأسباب والتفكك واختلاق المشكلات بداعٍ ومن دون داعٍ.. أقول تصبح كل هذه الصفات سمة من سمات تلك الأسرة غير السعيدة.. إذ لا يمكن أن يضحي الاثنان بهذا الجانب أبداً مقابل جوانب عدة في الحياة، بينما العكس صحيح تماماً.. وهذه حقيقة لا جدال فيها ولا يختلف عليها اثنان أو تنتطح عليها شاتان حتى وإن حاول أن ينكرها كثير من الناس لحاجة في نفس يعقوب، فالحياة بين الزوجين تقوم على أساس من الإشباع الغريزي والفطري للجنس من قبل الاثنين معاً، ثم تأتي بقية الأشياء الأخرى التي تصلح بصلاحها وتهتز باهتزازها.. وبعض الأزواج يكابر ويعاند ويريد أن يرسم له صورة البطل على الأقل أمام نفسه وكذلك المرأة، فيحاولان أن يعيشا معاً حتى وإن كان لديهما تلك المشكلة وذلك لأسباب كثيرة ذكرتها أعلاه.. أقول: حتى لو حاولا ذلك فإن حياتهم ستكون مهددة بالفشل في أي لحظة، وسيكونان كمن يعيش على فوهة بركان ربما يثور في أي لحظة.. وربما اتجهت الأمور إلى الخيانة أعاذنا المولى وإياكم منها في سبيل البحث عن الإشباع. وما امتلأت ساحات المحاكم - كما أسلفت - إلا وكان ذلك الأمر أحد أهم الأسباب.. حتى وإن حاول الكثير أن يبرر للقاضي مشكلات غير حقيقية، ويسمي الأشياء بغير مسمياتها الفعلية والحقيقية، خصوصاً المرأة تهرباً من الحرج والحياء. وهذا ما يفاقم المشكلة ويجعلها تأخذ طريقاً مسدوداً ويستمر الحال على ما هو عليه.. دون الوصول إلى الحلول الحقيقية والمطلوبة للمشكلة، فكيف أعطيك حلاً لمشكلة أنت لم تبح بها لي؟؟ قد يقول قائل: لقد بالغت كثيراً في هذا الأمر يا أخي وإلا ترى بأن الصحة والعافية أهم بكثير من ذلك؟ وأقول له صدقت ولكني أعد الصحة والعافية والجنس وجهان لعملة واحدة لا تصلح إحداهما بالأخرى.. وجميعنا نعرف بأنه إذا كان الإنسان صحيحاً جسمياً ونفسياً وعقلياً، فإنه يكون صحيحاً جنسياً ويستطيع إشباع الطرف الآخر، وبالتالي يضفي الكثير والمزيد من الصحة والجمال والروعة على حياته وحياة صاحبه، كذلك يلعب الجنس المقنن والمشروع دوراً كبيراً في إيجاد عوامل الصحة النفسية والبدنية والعقلية لدى الطرفين، والعكس صحيح، فالجوع الجنسي والحرمان العاطفي تؤديان إلى أمراض كثيرة، خصوصاً النفسية منها كالإحباط والقلق والتوتر والوهن والخمول والسأم والملل، وربما أدى إلى الجنون، وعندها تصبح الحياة لا تطاق ولا طعم لها لدى كثير من الناس.. فلا أحد يستطيع أن ينكر أهمية الجنس بين الزوجين وللزوجين إلا إنسان مريض وغير سوي أو منافق كذاب.. كل شيء قد يجده الزوجان من أمور الحياة الأخرى وهما بعيدان عن بعضهما بعضاً.. فالأكل والشرب والملبس ومتع الحياة الأخرى متوافرة في كل مكان.. ولكن الإشباع الجنسي والعاطفي لا يمكن أن يجداه سوياً مع بعضهما بطرق مشروعة ومقننة.. فالاثنان عندما يتزوجان يسعيان لإشباع غريزة عظمى وطاغية لا يستطيع أحدهما إلا أن يجدها عند الآخر، فإذا أسقط في أيديهما وتفاجأ الاثنان بأنه ليس في استطاعتهما أو أحدهما على الأقل أن يؤدي تلك المهمة، فيحبط الاثنان وتنقلب حياتهما إلى قلاقل وخصام ومشكلات لا تنتهي.. وهذا الأمر ليس عيباً أو حراماً والمطالبة به حق مشروع لكل الطرفين ولا حياء في ذلك.. إذاً أيها الزوجان اتركا عنكما الخجل وابدأا الحياة، وإذا واجهتكما أي مشكلة في هذا الجانب فما عليكما إلا الإسراع إلى أصحاب الاختصاص الحقيقيين في هذا المجال وأصحاب الدراية والخبرة وشرح الشكوى صريحة وواضحة دون تأخير أو إبطاء أو خوف وخجل وتردد.. فهذا حقكما المشروع وهذه سعادتكم في الدنيا والآخرة بإذن الله.. فإن صلحت فبالتأكيد ستنعكس آثارها الإيجابية على كثير من جوانب حياتكم الأخرى وحتى على حياة من يعيش معكم وأقصد أطفالكم.. فما العنف الأسري وإيذاء الأطفال إلا وكان للنقص في ذلك الجانب دور مهم فيه.. فالبدار البدار خصوصاً في ظل التقدم العلمي والطبي في مثل تلك الأمور، واعلموا أن علاجكم سيتم في جو كامل من السرية واحترام رغباتكم.
الرياض 11768 ص ب 155546
|
|
|
| |
|