| |
هذرلوجيا أسماء في الذاكرة سليمان الفليح
|
|
ثمة أسماء (مُنجزة) تحفر مكانها - عميقاً - في ذاكرة الناس حتى لو توارت عن الأنظار، وانزوت عن الأضواء، وابتعدت عن مسرح الحياة، لكنها تبقى إضاءة خالدة في ذاكرة الوطن، ولا سيما إذا ما تركت أثراً (مبدعاً) في الإنجاز، وساهمت في التأسيس والبناء من خلال مواقعها الإدارية التي تسنَّمتها يوماً ما وتركت بصماتها النبيلة على مسيرة الأجيال التي أسهمت إسهاماً صادقاً في صنعها وقدّمت نماذج منتجة تخلفها في دروب العمل والحياة، وغالباً ما تتعمق هذه الأسماء المضيئة في الذاكرة إذا ما كانت تملك الروح (القيادية والإبداعية والإنسانية) في تعاملها مع المجتمع إبان إدارة مواقعها السابقة، وأعني بذلك ما نسميه مجازاً القيادات الوسطى التي تشكل الصف الثاني أو الثالث من الهرم القيادي العام التي تعرف جيداً - بطبيعتها الاجتماعية وسلوكها الإنساني وروحها المبدعة أصلاً - أن تتواصل بحميمية مع الناس وتعرف بحساسية علياء كيف تتلمّس نبض الشارع وتتعامل على أساس هذا النبض وتقدم له ما يخفق به لتدخل من خلال ذلك النبض إلى قلب الفرد فيه، وبالتالي تستوطن الذاكرة التي تتواءم مع إيقاع ذاك النبض لتحتفظ به تلك الذاكرة إلى أبد الحياة مهما يمرّ بعدها من أسماء حتى لو قدمت لها بأسلوب مغاير من عطاء. *** ففي الكويت وبمناسبة استقالة وزير الإعلام الكويتي الأستاذ محمد السنعوسي - بسبب استجواب لا نريد أن نخوض في تفاصيله - مع أنه لم يُتَحْ له بعد (وبعد غياب طويل عن الساحة الإعلامية) أن يتفقَّد حتى أقسام وزارة الإعلام التي هو أحد أهم نجومها على مستوى الخليج بل والعالم العربي، بل من أهم مؤسسيها باعتباره كان أول مدير للتلفزيون الكويتي؛ أقول: إن الناس في الكويت لا يمكن أن تمحو اسم (أبو سنعس) كما يسميه الناس هناك من ذاكرتها الوطنية باعتباره أول ومن أهم صانعي الإعلام الكويتي، كما أن له المشاركات الإعلامية الفعالة عبر برامجه الشعبية التي كان ينزل فيها إلى الشارع ويتلمس همّ الجمهور بدءاً من حملته الشهيرة للقضاء على الفئران في الكويت؛ تلك الخطة الكاريكاتيرية التي أفلحت بذلك الإنجاز المهم الذي طهَّر الكويت نهائياً من الفئران، فمشروع ردم البحر وإقامة الواجهة البحرية الجميلة التي كانت حلماً، فحملته التي يحرِّض فيها السائقين في الشارع على إطلاق (بواري) أو (هرنات) سياراتهم على مَن يتخطى خطوط الإشارة أو يخالف السير؛ تلك الحملة التي أصبحت سلوكاً يمارسه الشعب الكويتي إلى اليوم ضد كل من يخالف السير أو يأتي بسلوك مشين أثناء القيادة، وكذلك لا ينسى الشعب الكويتي حملته الإنسانية التي قادها من داخل السجن المركزي لتسديد الديون الهائلة المترتبة على سجناء (الشيك بدون رصيد) التي أطلق من خلالها المئات من السجناء المعسرين، ناهيك عن إبداعاته الفنية؛ مثل مذكرات بحار وأفلامه القصيرة وبحثه الشخصي عن أي فنان مبدع في الكويت وفتح بابه وقلبه وهاتفه لكل اقتراح جميل. لذلك لن تنساه ذاكرة الناس هناك، يبقى إذن أن نقول: آه!! ما أجمل ذاكرة الناس التي لا تنسى الجميلين في الحياة!!.
|
|
|
| |
|