| |
الواجهات البحرية بين الاستثمار وديموقراطية الوزارة فضل بن سعد البوعينين
|
|
سجل قرار صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز، وزير الشؤون البلدية والقروية، القاضي بتأييد موقف المجلس البلدي، في حاضرة الدمام، المعترض على مشروعين استثماريين، تعتزم أمانة المنطقة الشرقية إقامتهما في الواجهة البحرية (كورنيش الدمام)، سابقة هي الأولى من نوعها منذ إنشاء المجالس البلدية المنتخبة. فقد أشارت صحيفة (الحياة)، نقلاً عن أحد الأعضاء، إلى أن اعتراض المجلس البلدي على إقامة مشروعين استثماريين منفصلين على مساحة إجمالية تقدر بـ(21000) متر مربع يرجع إلى أن (إقامة صالة وسوق في الواجهة البحرية أمر غير مناسب كونها متنفساً للأهالي وينبغي أن تكون الواجهة (البحرية) مفتوحة من دون أن تكون هناك مبان أو مشروعات تحجب الرؤيا). تأييد سمو وزير الشؤون البلدية والقروية موقف المجلس البلدي، ضد موقف الأمانة المصر على إنفاذ المشروعين رغم معارضة المجلس، يمكن أن يُدرج ضمن الممارسة الإيجابية للديموقراطية الحديثة، ودعماً لدور المجالس البلدية، وتكريساً لإستراتيجية المحافظة على البيئة، وشعور نبيل بحق المواطن في الاستمتاع بشواطئه البحرية، وحمايتها من أن تستغل في غير ما أوجدت له، أو أن يقتصر الانتفاع بها على فئة محددة ضمن ما يعرف باسم الاستثمار الذي بدأ في تقليص المساحات الطبيعية العامة بشكل ملحوظ. مشكلة استغلال الواجهات البحرية للمشروعات الاستثمارية، وحرمان المواطنين من الاستمتاع بها، لا تقتصر على حاضرة الدمام، بل تتعداها إلى الكثير من المدن الساحلية، وإن صمتت مجالسها البلدية، ولعلي هنا أستشهد بمدينة الجبيل، المدينة التي كانت، فيما مضى، تعد من المدن الساحلية المطلة على البحر من جهتي الشرق والشمال؛ تتمتع بسواحلها الرملية الجميلة، ومناظرها الخلابة، إضافة إلى جبلها البحري الذي كان مقصداً للزائرين، ومرتعاً للمتنزهين، ومستودع أسرار المدينة وتاريخها البحري القديم؛... وهو الجبل الذي تنسب إليه تسمية المدينة، كما ذُكر في كتب التاريخ. دفن البحر من جهة الشمال واستغل من قبل ميناء الجبيل التجاري، وتحول الجبل البحري إلى جبل بري، ولم يتبق إلا الجزء اليسير من الكورنيش الشرقي الذي لا يتجاوز طوله 1400 متر. وللأسف الشديد فقد تحول الكورنيش إلى أملاك خاصة؛ أهمل جزؤه الأول البالغ طوله 200 متر بعد أن أخلي من مستأجريه و أعيد إلى مالكه، وشيد على جزئه الثاني مجمع سكني استثماري Camp على ما يقارب 200 متر طولي من الساحل، واستأثرت أرامكو السعودية بـ400 متر طولي لدواع تنقيبية!!! ولعلها غيرت وجهة نظرها حيال الموقع في الوقت الحالي، وتبقى ما يقارب 600 متر طولي تصنف على أنها أملاك خاصة أيضاً، بحسب ما تصرح به بلدية الجبيل في ردودها الصحفية. لم يتوقف الأمر عند هذا، بل تعداه إلى طرح المواقع المقابلة للواجهة البحرية، للاستثمار العام على الرغم من افتقار المدينة للمتنزهات الطبيعية، والحدائق العامة!!!! وفي هذا تغليب واضح للجانب الاستثماري على الجانبين البيئي، والترفيهي. السياحة جزء لا يتجزأ من الاقتصاد، بل لعلها تمثل عصب الاقتصاد الرئيس في بعض الدول العربية والغربية؛ والبحر هو الركن الأساسي في صناعة السياحة الحديثة، أما الواجهات البحرية فهي المتنفس الأول للمواطنين، وهي اللوحة الجمالية التي يفترض أن يبدع في إخراجها المسؤولون في أمانات المدن وبلدياتاها، من أجل سكان المنطقة، ولتشجيع السياحة الداخلية المؤثرة تأثيراً مباشراً في اقتصاديات المدينة الحالمة. ومن هذا المنطلق فإننا نرجو أن يُنظر في إمكانية تعويض ملاك الواجهة البحرية لمدينة الجبيل - باستثناء أرامكو على أساس أن ملكيتها إنما تدخل ضمن أملاك الدولة - ونزعها من أجل تحقيق المصلحة العامة، ومن أجل إنشاء متنزه، وكورنيش للأهالي، وهو الكورنيش الذي يفترض أن يعيد للمدينة انتماءها الحقيقي، وصلاتها الأزلية بالبحر..... كل الشكر والتقدير والاحترام نرفعه لسمو وزير الشؤون البلدية والقروية على موقفه الديموقراطي الحازم، والنبيل، الداعم لوجهة نظر المجلس البلدي في حاضرة الدمام، والشكر موصول أيضاً لأعضاء المجلس الموقرين.
f.albuainain@hotmail.com |
|
|
| |
|