| |
الوضع في لبنان يلقي بظلاله على إسرائيل
|
|
* إعداد - مدحت الغرباوي يثير الوضع السياسي المتدهور في بيروت والمظاهرات الحاشدة التي نظمها حزب الله في نهاية الأسبوع حالة من الهلع في إسرائيل، والخوف الأكبر لدى الدوائر المسئولة في تل أبيب هو من سقوط حكومة فؤاد السنيورة واستيلاء مؤيدي سوريا وإيران على الحكم. ويعتقدون في إسرائيل أن ايران وسوريا وضعتا لنفسيهما هدفا هو إسقاط حكومة السنيورة بأي ثمن، وأنهما إذا ما نجحتا في ذلك فسيتعزز جدا العنصر الشيعي في السياسة اللبنانية، وهو ما يعني تشكيل حكومة جديدة في الانتخابات القادمة تتنكر للقرار 1701 للأمم المتحدة الخاص بوقف النار مع إسرائيل وفرض الحظر على لبنان. وتعتقد محافل سياسية في إسرائيل أنه حتى وإن لم تسقط حكومة السنيورة في نهاية المطاف، فإنها ستضعف جدا مما سيسمح لمؤيدي إيران وسوريا بفرض قيود عليها مثل منعها من تنفيذ القرار 1701 . بينما تقول مصادر سياسية إسرائيلية ملمة بالشأن الإيراني أن هناك إمكانية أخرى، وهي أنه إذا ضعفت حكومة السنيورة فلن يكون أمامه مفر من الموافقة على مطلب مؤيدي سوريا وحزب الله لتشكيل حكومة وحدة وطنية، يكون ثلث أعضائها شيعة. وفي مثل هذه الحالة، تقول المصادر سيحظى حزب الله بحق النقض الفيتو على كل قرار مهم للحكومة. (معنى مثل هذه الخطوة عمليا سيكون تحول الحظر على لبنان الى أمر غير ذي صلة). كما تقول محافل سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى أن (خروج قوة اليونيفيل من جنوب لبنان في غضون نصف سنة حتى سنة سيصبح إمكانية عملية). ولعل التخوف في إسرائيل من سقوط حكومة السنيورة ينبع من الافتراض بأن مثل هذا الوضع سيسمح لإيران بإعادة بناء موقعها المتقدم في لبنان بقوة أكبر، وخلق ميزان ردع حيال إسرائيل والولايات المتحدة وإحباط مخططاتهما لمهاجمة منشآتها النووية. وأوضحت المصادر أنه (مهما تكن نتائج الأزمة في لبنان فالحديث يدور عن تدهور خطير من ناحية إسرائيل. من الآن فصاعدا سيتعين على السنيورة توظيف معظم جهوده من أجل البقاء السياسي، ولن يتمكن من توسيع النشاطات لتطبيق القرار رقم 1701 في جنوب لبنان وعلى طول الحدود مع سوريا). ومع ذلك فالتقدير في إسرائيل هو أن لإيران وسوريا وحزب الله مصلحة مشتركة في عدم الوصول إلى اشتعال شامل. وحسب هذه التقديرات، فإنهم يخشون جدا من هجوم إسرائيلي وسيبذلون كل ما في وسعهم من أجل عدم الوصول إلى حرب أهلية والسماح لحزب الله بترميم قدراته الإستراتيجية في جنوب لبنان. وتحسبا لأي تطورات في لبنان، شدد الجيش الإسرائيلي في نهاية الأسبوع اليقظة على الحدود الشمالية، ولكنه لم يرفع في هذه المرحلة حالة التأهب، وهي لن ترفع إلا إذا حدثت تطورات دراماتيكية. وبعد الدعم الأمريكي والفرنسي والعربي لحكومة السنيورة في لبنان، جاء الآن الخوف الإسرائيلي من إمكانية سقوط هذه الحكومة، فقد ألقت أحداث لبنان بظلالها على جلسة الحكومة الإسرائيلية. وعبر الوزراء الإسرائيليون عن قلقهم من التحرك الشعبي لقوى المعارضة اللبنانية التي تضع حكومة السنيورة على شفا هاوية، وقد أثار الوضع المتأزم في لبنان ردود فعل متفاوتة في إسرائيل، حيث قال الوزير بنيامين بن إليعيزر: إن (الاحتلال الشيعي للسلطة في بيروت يعد بداية اختلال موازين القوى داخل الدول العربية"، وأعرب عن اعتقاده بأن هذا التطور يجب أن يكون مصدر إزعاج لدول عربية معتدلة مثل مصر والأردن، أما رئيس حزب شاس، إيلي يشاي، فقد تمنى أن يكون رئيس الوزراء اللبناني (أكثر قوة) وقال: (لو كان أكثر قوة، لكان من الممكن منع حرب لبنان الثانية. لا شك أن ما يحدث في لبنان يحتم علينا الاستعداد لاحتمال حدوث انقلاب، ولكن الأمور ليست بأيدينا). وحذر الوزير مائير شطريت من التنازلات، وقال: (لا يمكن أن تظل إسرائيل تعطي طوال الوقت دون أن تنال شيئا). وأضاف: (لا شك أن الوضع في لبنان مقلق وخاصة إذا نجح السوريون في إسقاط حكومة السنيورة، بواسطة حزب الله). وحذر الوزير رافي إيتان، قائلا: إذا وصل الإيرانيون إلى لبنان، فهذا وضع جديد يشكل خطرا على إسرائيل. ولكن ينبغي أن نتذكر أن كل تدخل إسرائيلي فيما يحدث في لبنان يعود بنتيجة عكسية ويقوي هؤلاء الذين نعارضهم، فتعزيز قوة السنيورة لا يمكنه أن يأتي عن طريق إسرائيل، فهذه مهمة الولايات المتحدة). وقالت وزيرة التعليم، يولي تامير: (ينبغي تعزيز قوة السنيورة، وجهات أخرى معتدلة. وما يعزز قوته ليس تسليم مزارع شبعا؛ يجب أن يحصل على كامل الدعم وينبغي أن نحذر جدا من التدخل في الشأن اللبناني). أما البروفسور آيال زيسر، رئيس قسم تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب فقد كتب في صحيفة (يديعوت أحرونوت) يقول: إن إسرائيل ستكون أول من سيدفع الثمن في حالة سقوط حكومة فؤاد السنيورة، وعن تحليله للوضع في لبنان حاليا، قال زيسر: (يتمتع السنيورة بتأييد معظم أبناء الطوائف السنية والمارونية والدرزية، وكذلك بتأييد المجتمع الدولي ومعظم الدول العربية المعتدلة. ولكن هذا لا يكفي، لأنه إذا استمر نصر الله ومؤيدوه في مقاطعة الحكومة، فإن السنيورة سيجد صعوبة في تأدية مهام عمله. وعلى أية حال، الساحة اللبنانية غير مبنية على أداء وظائفها في واقع يكون فيه نحو نصف السكان يقاطعون مؤسساتها. وبالتالي فإن المتوقع هو بزار لبناني نموذجي، في ختامه يخرج كل طرف من الأطراف بنصف أمانيه بيده: السنيورة سيضطر إلى الخضوع لبعض مطالب نصر الله، ونصر الله سيضطر إلى التراجع عن مطالب أخرى له). وحذر البروفسور زيسر من خطورة سقوط حكومة السنيورة على دولة إسرائيل، وقال: إذا ما عاد مؤيدو سوريا بالفعل إلى السيطرة على لبنان، فإن من سيدفع الثمن قبل كل شيء هم أولئك اللبنانيون الشجعان الذين أملوا بأن يصعد لبنان على طريق الديمقراطية والحرية. وبعدهم ستدفع الثمن إسرائيل، التي ستكتشف بأنها نجحت في إبعاد حزب الله عن الحدود الشمالية ولكنها تلقته كزعيم للسياسيين اللبنانيين وللحكومة القادمة في بيروت. وأخيرا ستدفع الثمن الولايات المتحدة أيضا التي سيشكل سقوط السنيورة نهاية لمغامرتها في لبنان، كما سيشكل إشارة على طريق التراجع الأمريكي عن العراق وإنهاء رؤيا الرئيس بوش بشأن شرق أوسط جديد).
|
|
|
| |
|