| |
رصد توثيقي لجهود منطقة عسير في مواجهة الإرهاب من خلال كتاب جديد (2-3) (أسبوعيات المجلس) التي يعقدها الأمير خالد الفيصل مع المواطنين أدت دوراً بارزاً في مكافحة فكر الإرهاب والتطرف
|
|
تحدثنا في الجزء الأول من هذا العرض عن صدور كتاب (منطقة عسير في مواجهة التطرف)، وأشرنا إلى أنه قد حوى دراسة شاملة أعدها فريق من مثقفي منطقة عسير، وتضمنت هذه الدراسة رصداً توثيقياً لأبرز الجهود والأعمال والمعالجات التي نفذت في منطقة عسير على مدى الأعوام الماضية انسجاماً مع الجهد الوطني العام في مواجهة ظاهرة الإرهاب. وتطرقنا في الجزء الأول من العرض إلى ملامح مما جاء في مقدمة الكتاب من تمهيد للدراسة، ثم توقفنا عند بعض ما ورد في الباب الأول الذي جاء بعنوان (التخطيط والمبادرة)، حيث أشرنا إلى ما ذكره الكتاب من أهمية عنصر التخطيط والمبادرة في مواجهة المشكلات، وإلى أن الأساس الذي انطلقت منه خطة المواجهة هو التوازن بين محاربة الفكر المتطرف وتعزيز الانتماء الوطني والعقيدة الإسلامية. وتواصلاً مع العرض السابق، نتطرق في هذا الجزء إلى المزيد من المعلومات التي وردت في الكتاب الدراسة، ملقين الضوء على بعض محتوياته التي تعكس ما انتظم إمارة منطقة عسير من جهد وعمل دؤوب، وما اتسمت به المنطقة من إرادة وعزم، مما أسهم بحمد الله وتوفيقه في تنفيذ حملة شاملة وناجحة ضد الظاهرة الإرهابية. الأنشطة الثقافية كانت (الأنشطة الثقافية) عنواناً للباب الثالث من الكتاب، حيث تمثل هذه الأنشطة الجزء الرئيس في منظومة جهود منطقة عسير لمكافحة الفكر المنحرف وفقاً لما ذكرته الدراسة. وقد أشارت الأسطر الأولى من الباب إلى أن (الفكر) هو أخطر المعطيات البشرية سلباً أو إيجاباً، وعنه تصدر مجموعة السلوك الإنساني، وفق محفزاتها الظاهرة والباطنة.. وما لم يتم ترويض الفكر وتطويعه للحق والعدل فإنه سيدفع صاحبه إلى اتجاهات واعتقادات وتفاعلات أخرى. وقد ثبت أن مشكلة الفئة الضالة هي في فكرها المستغلق، والمؤسس على معلومات من نوع ما، وعلى قناعات ومنهجية متأصلة بفعل التأثير المعمق أو ما يسمى ب(غسيل الدماغ)، ومن هنا جاء التركيز على الجانب الفكري والثقافي في مواجهة هذه الظاهرة. أسبوعيات المجلس أشارت الدراسة في هذا الجانب إلى أحد أوعية الثقافة والفكر الرئيسة في مواجهة الفكر الإرهابي الضال بمنطقة عسير، متحدثة عن أنه منذ عام 1391هـ، وهو العام الذي تسلّم فيه سمو الأمير خالد الفيصل زمام مسؤولياته أميراً لمنطقة عسير، اتخذ برنامجاً للقاء الجمهور لم يتغير على مدى أكثر من ثلاثين عاماً، وشاركه سمو الأمير فيصل بن خالد منذ بداية عمله نائباً لأمير المنطقة عام 1424 هـ، وقد صنف لقاءاته بالمجتمع وفق الاختصاصات على مدار الأسبوع.. وسمى تلك اللقاءات (أسبوعيات المجلس) كما يلي: - السبت: للقضاة والدعاة وأئمة المساجد وأساتذة وطلاب العلم الشرعي. - الأحد: للأدباء والمثقفين والمبدعين وأساتذة الجامعة والإعلاميين والفنانين التشكيليين. - الاثنين: لمشايخ القبائل وأعيان المجتمع والمهتمين بالأمور الاجتماعية. - الثلاثاء: لمديري الإدارات الحكومية، والمسؤولين في الأجهزة المختلفة، ورجال الأعمال، والمهتمين بالشؤون الإدارية والاقتصادية والتنموية. وقد تم استثمار أسبوعيات المجلس في تحقيق غايات مفيدة من حيث ملء اللقاء بما ينفع ويفيد، وتحويل تلك اللقاءات التي تعد عامة ومفتوحة إلى لقاءات ممتعة ونافعة مما جعل روادها في اطراد، وموضوعاتها محل اهتمام في أوساط المجتمع كافة، نظراً لما تتميز به من الصراحة والوضوح والجدة ومعالجة القضايا المحلية والوطنية في شتّى المجالات. ومنذ المراحل الأولى لظهور التطرف والإرهاب تم تسخير معظم أسبوعيات المجلس لمكافحة الظاهرة من خلال الموضوعات التي يتم مناقشتها، بل إن المجلس ومنذ إنشائه، أفسح للوطنية وتعزيز الانتماء والحث على الوسطية ونبذ الغلو والتطرف حضوراً واضحاً، إذ قدمت عشرات الموضوعات في ذلك، وحضرها آلاف من المسؤولين والمعلمين والمفكرين والكتاب وأعيان المجتمع، بل وشاركوا في نقاشها وكشفوا جوانب من تجاربهم في إطارها. وقد أشار الكتاب إلى عدد من النماذج المشاركة في مجلس الأمير (أسبوعيات المجلس)، وإلى عدد من الطروحات التي قدمها مختصون من خلال مشاركاتهم في اللقاءات المتواترة، ولعلنا نتوقف هنا عند ما جاء تحت عنوان (ضوابط التكفير)، حيث أشار الكتاب إلى أنه في 11-6- 1424هـ طرح موضوع (ضوابط التكفير والتفسيق)، وقد استعرض المحاضر الأسباب التي يرى أنها سبب في انتهاج التكفير من البعض ومنها الغلو في الاعتداد بأنفسهم وأمراء جماعاتهم، إذ إنهم زعموا أنه يمكنهم فهم القرآن الكريم مباشرة واستنساخ الأحكام الشرعية من غير استعانة بآراء علماء المسلمين وفقهائهم. وأشار إلى أن من تلك الجماعات التكفيرية من هجروا حتى المساجد التي يصلي فيها المسلمون لأنهم عدوها معابد جاهلية! كما ينسب إليهم استحلال إتلاف الأموال العامة ما أمكن ومحاربة من يخرج عن جماعتهم وإيذائه بشتّى أنواع الأذى. وأضاف أن من الأسباب التكفيرية: - عدم الاعتماد على نصوص الكتاب والسنّة الموجبة للعمل بها ورد ما تنازع فيه الناس إليها. - الاحتجاج عوضاً عن ذلك بأحاديث موضوعة وآثار مفتعلة أو تأويلات منكرة. - اتباع الظن وما تهوى النفس. - عدم الفقه في الدين مما أوقعهم في عدم القدرة على التمييز بين الحق والباطل والسنّة والبدعة والقدرة والعجز. - استمراء الظلم والعدوان. كيف ندعو بالحسنى؟ وكمثال آخر على ما أداه النشاط الفكري والثقافي في (أسبوعيات المجلس) من دور في مكافحة الفكر الإرهابي، نشير هنا إلى ما أورده الكتاب من خط متوازن رسمه سمو أمير منطقة عسير، ليصب في تيار المحافظة على الثوابت والإسهام في مكافحة التطرف والغلو، وإيضاح كيفية دعوة غير المسلمين إلى الإسلام والأسلوب الأقرب للدعوة إلى الله. فقد شرح سموه للحاضرين في أسبوعيات المجلس ما دار بينه وبين القنصل الأمريكي - التي زارت عسير في 7-7-1423هـ، حيث دار حوار بينها وبين سمو الأمير حول الإرهاب وعن بيئة الجنوب، يقول الأمير خالد: جاءت إلى الجنوب لترى ما هو هذا الجنوب، لأن بعض الذين شاركوا في أحداث 11 سبتمبر محسوبون على جنوب المملكة. سألتها: هل تعلمين أن الإنسان المسلم لا يتم إسلامه حتى يعترف بعيسى وموسى؟ قالت: لا. قلت: هل تعلمين أن الإسلام يقدر ويجل ويكرم التوراة والإنجيل؟ قالت: لا. قلت لها: هل تعلمين أن القرآن الكريم هو مكمل لجميع الكتب السماوية: قالت: لا. قلت: هل تعلمين أن الإنسان المسلم يؤمن بأن الكتاب عند الله واحد وأن هذه الكتب أصلها من الكتاب الذي عند الله سبحانه وتعالى؟ قالت: لا أعلم. قلت: هل تعلمين أن المسلمات في صدر الإسلام كن يعلمن حتى الرجال دينهم؟ قالت: لا. قلت: هل تعلمين أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بأن نأخذ علوم ديننا من زوجته عائشة رضي الله عنها؟ قالت: لا. قلت لها: هذا هو الإسلام. ثم قلت: هل تعلمين أن الإسلام أرّث المرأة في التركة قبل الحضارة الأوروبية وقبل الديمقراطية؟ قالت: لا. ثم استمررت معها في الحديث على هذا المنوال وهذه الطريقة. بهذا الأسلوب - يقول الأمير خالد - يجب أن ندخل على نفوس الآخرين لأنهم لا يعرفون عن الإسلام إلا أنه يدعو إلى الجهاد وأن الجهاد هو قتل غير المسلم... كل ما يعرفونه أن الإسلام يجبر المرأة على التهميش ووضعها تحت الحجاب حتى لا تخرج منه وأنه ليس لها أي دور في المجتمع وليس لها الحق أن تشارك ولا أن تمارس أي نوع من أنواع الحياة مع الرجل في المجتمع الإسلامي.. هذه المعلومات التي لدى هؤلاء البشر عن الإسلام والمسلمين وهذه هي المعلومات التي ينقلها الإعلام الصهيوني سواء عن طريق التليفزيون أو السينما أو عن طريق الكتب والنشرات والصحف والمجلات.. وفي هذه الأيام أتابع كل مساء المحطات الغربية لأرى ما تبث عنا وقد اكتشفت أنه لا يكاد يمر أسبوع واحد دون عرض فيلم عن العرب والمسلمين وهم يمثلون الرجل القبيح أو الإنسان القبيح المجرم، ولم أر فيلماً واحداً أو مسلسلاً يظهر فيه إنسان عربي أو مسلم ممثلاً للفضيلة أو الشجاعة أو الكرم أو الغيرة.. إنما يمثل (الإجرام)، فالصهيونية تلعب دورها بذكاء في مثل هذه الظروف.. وللأسف فالمجتمع المسلم لا يلعب دوره بذكاء بل دائماً يقع في الفخ بسهولة.. ومن هنا فيجب أن نكون صادقين في موضوع الدعوة وأن نخاطب غير المسلمين وخصوصاً الغرب بالطريقة والأسلوب والمنهج الذي يوصلنا إلى قلوبهم وعقولهم.. وأنا متأكد أن أي إنسان في الدنيا عندما يعلم حقيقة الإسلام لا بد وأن يعتنق الإسلام. محوران مهمان ويشير الكتاب إلى أن دور أسبوعيات المجلس لم يقتصر على مناقشة الموضوعات التي تطرح في هذه القضية بقدر ما امتد دورها إلى عقد لقاءات موسعة لسمو أمير المنطقة مع مسؤولي التعليم العالي في المنطقة ومديري التعليم العام ونخب من أعضاء هيئة التدريس والمفكرين والمثقفين من أمثال اللقاء الموسع الذي عقد في 24-7-1427هـ مع قيادات التعليم العالي، ومثل اللقاء الذي عقد مع مختلف قيادات التعليم العالي والعام في مختلف محافظات المنطقة يوم الأحد 16-4-1427هـ وناقش معهم محورين مهمين هما: أسباب ظاهرة التطرف.. وهل ما زالت قائمة أم لا؟، والحلول المقترحة للإسهام في الخلاص من هذه الظاهرة. وقد فتح باب الحوار وتولى سموه إدارته في جو من الشفافية والصراحة، وتحدث مديرو التربية والتعليم وبعض أساتذة الجامعة بكل وضوح مؤكدين أن الفكر المتطرف يعيش انحساراً جزئياً في ظل الجهود المبذولة للدعوة إلى وسطية الإسلام وترسيخ قيم الرحمة واللين وتعزيز الانتماء الوطني، ولا تزال الحاجة قائمة لمتابعة دراسة الظاهرة وتتبعها وبناء البرامج لاحتوائها، مع وجود بعض المؤشرات والممارسات التي تشير إلى أنه مازال هناك بعض الفئات المتشددة التي تعمل على استغلال المعسكرات والرحلات الشبابية والمراكز الصيفية والمناشط الأخرى لشحن عقول الشباب بأفكار غريبة على الدين والوطن. حقول أخرى وتعددت حقول الأنشطة الثقافية التي انتظمت في منطقة عسير في مواجهة فكر التطرف، حيث كان من ضمنها أيضاً ما أعلنه الأمير خالد الفيصل أمير منطقة عسير في ربيع الأول عام 1425هـ عن تنظيم مسابقة وطنية شاملة باسم (مسابقة أبها الوطنية) ومقدار جوائزها مليون ومئتا ألف ريال من حسابه الخاص، وحددت مجالاتها في: البحوث، الشعر الفصيح، الشعر الشعبي، الفن التشكيلي، التصوير الفوتوغرافي، الكاريكاتور، والأغنية الوطنية. وعلى مدى أكثر من شهرين تفاعل عشرات الآلاف من أبناء الوطن مع هذه المسابقة وعبّروا بصدق عن رفضهم لكل أشكال التطرف والتمرد والخروج على الدين أو القيادة أو الوطن. وأشار الكتاب إلى أنه قد تمازجت أفكار المبدعين من المناطق جميعها لتصل إلى نقطة التلاقي الكامنة في الهاجس المعبر عن هم الوطن موظفين شتّى الأساليب الثقافية والفنية من أجل تحقيق ذلك الهدف. فقد أرسلت عشرات القصائد الفصيحة والشعبية، بل إن البعض أرسل دواوين مطبوعة، والبعض الآخر حاول أن ينظم البيت والبيتين. أما الأعمال الفنية التشكيلية فلم تكن إلا مساحة واسعة لاكتشاف الذات لدى كثير ممن يشعرون بحماس كامن في دواخلهم لكبح جماح تلك الظاهرة الدخيلة على الأمة، الأمر الذي حول مجموعة غير قليلة من اللوحات إلى صرخات تعبيرية في وجه الغلو والتطرف والإرهاب، بل واستخدمت لذلك كل المدارس الفنية المتداولة مثل التجريدية والواقعية والسوريالية والتكعيبية عبر ألوان ناضجة وريشة معبرة، ولم يكن فن الكاريكاتور ببعيد عن الفن التشكيلي بل جاء مطابقاً لواقع الحال في كثير من أشكال العنف والفهم الفكري الخاطئ لأرباب هذه الظاهرة الخطيرة. كذلك جاءت البحوث جادة بدرجة كبيرة سواء في القراءة الاجتهادية لنفسيات هذه الفئة الضالة وتاريخها ودوافعها وأخطارها، ورأي الشرع فيها، وجذورها التاريخية، أو في الدراسات البحثية العلمية الرقمية التي اعتمدت على الاحصاء في رصد أضرار هذا التوجه المنحرف اجتماعياً، واقتصادياً، وفكرياً.. ومدى تأثير ذلك على التنمية، والدعوة، والتوجه للبناء والتعليم والأمن والاستقرار. كذلك جاءت (جائزة أبها) كواحدة من الفعاليات المهمة في الجانب الثقافي الذي انتهجته منطقة عسير في مواجهة الفكر المنحرف، فقد شهد العام 1393هـ انطلاق جائزة للخدمة الوطنية لتقدير جهود المثاليين في حقول التعليم والإدارة والخدمات والزراعة والأسرة والشباب... الخ، بحيث تسلم سنويا في حفل يشمل المتميزين والمتميزات كل في موقعه ونشاطه. وكان الاهتمام بالجانب الوطني، أي الإخلاص في خدمة الوطن بالفكر والعمل، أهم معايير منح هذه الجائزة. وقد تفاعلت الجائزة مع مختلف شرائح المجتمع وخصوصا في القضايا الوطنية التي تعزز الانتماء، وترسخ الولاء، وتحضّ المعلمين والمعلمات على بناء العقول على منهج رشيد يستمد نوره من عقيدتنا السمحة، وقوته من انتمائنا السعودي الكريم. وعلى مدى ربع قرن كان هناك حضور للوطن وقضاياه في مجالات جائزة أبها من بحوث ودراسات وإبداعات وإنجازات. وعممت موضوعات الجائزة، وخصوصا ذات الصلة بالانتماء وتحية العلم وحب الوطن واحترام النظام الخ، في جميع موضوعات الجائزة بين شرائح المجتمع المختلفة خصوصا التعليم بشقيه بنين وبنات. وكان التفاعل كبيراً والمشاركة شاملة. وقد أشار الكتاب إلى جائزة أبها للتعليم العالي نموذجاً، حيث قال: إنه تحقيق لأهداف جائزة أبها للتعليم العالي والذي يركز على بناء شخصية الطالب- الطالبة في المرحلة الجامعية بناء متكاملا ومتوازنا ليكون عنصرا فاعلا في مجتمعه، مدركا لدوره ومسؤولياته في بناء وطنه وتنمية مجتمعه والمحافظة على مكتسباته.. ركزت الأمانة العامة للجائزة على تفعيل شعار ملتقى أبها في كل عام ليكون شعارا لكافة مجالات الجائزة، ففي عام 1425- 1426هـ كان شعار الجائزة ضمن حملة التضامن ضد الإرهاب.. حيث بدأت الأمانة في وضع آلية لتفعيل الشعار (معاً ضد الإرهاب) ضمن مسابقات الجائزة وموضوعاتها فوضعت آلية لتنفيذ ذلك على مرحلتين: المرحلة الأولى على مستوى كل كلية، والمرحلة الثانية على مستوى كافة كليات المنطقة. وقد تم اختيار موضوعات المسابقات حيث غطت العديد من مجالات مسابقات التربية الوطنية وهي: السنّة النبوية، والمهارات الأدبية، والمسابقة الفنية ومسابقة الجوالة. ويشير كتاب (منطقة عسير في مواجهة الإرهاب) إلى أن جائزة أبها قد أثمرت ثماراً يانعة مختلفاً أكلها، فلم تقتصر المنافع والفوائد على المثقفين والمبدعين فقط، ولكن شملت كل شرائح المجتمع من الجنسين ولم تقتصر على الفائزين بها فحسب لكنها امتدت لتشمل مختلف الشرائح والفئات. ويجيء ضمن تلك الثمار اليانعة الملتقى الثقافي السنوي الذي يقام في صيف كل عام مستقطبا المئات من المواطنين والمقيمين والسياح، ويدعى لفعالياته عشرات المثقفين والمفكرين والكتاب والإعلاميين، وهو ينتقي بعناية كبيرة موضوعاته التي تتمحور حولها فعالياته من ندوات ومحاضرات ونقاشات وتوصيات، فضلا عن الدراسات والبحوث والنتاج الإبداعي الذي يوجه إلى موضوع الملتقى كل عام. وقد كان من ضمن القضايا المهمة التي ناقشها ملتقى أبها عام 1426هـ قضية (لماذا نحيي العلم.. وكيف نحب الوطن) وننتقي هنا بعض ما تضمنته الورقة الرئيسية والتي قدمها معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان حيث قال: (بالنسبة للعلم والراية واللواء فمن المعلوم أن لكل دولة ولكل أمة من الأمم راية تعد شعاراً لتلك الأمة ولتلك الدولة، تجتمع عليها الكلمة وتتحد عليها الصفوف، وهي رمز لقيادتها، فالتعظيم لهذه الراية ليس هو تعظيما لخرقة مرفوعة على عود أو شيء من الحديد أو نحوه، وإنما هو تعظيم لهذا الشعار، شعار هذه الدولة، ولقد تميزت هذه الدولة السعودية من بين الدول بهذه الراية التي تحمل كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم). ويواصل الشيخ العبيكان حول لفظة (التعظيم) فيقول: (التعظيم قسمان.. هناك من يخلط بين التعظيم الذي هو من باب العبادة وبين التعظيم الذي هو من باب العادة، فالتعظيم الذي هو من باب العبادة لا يجوز أن يكون إلا لله عزّ وجلّ.... أما الذي يعظم الشعار الذي تحمله هذه الراية فلا شك أنه يعظم كلمة التوحيد، وكلمة التوحيد تعظيمها عبادة، والإيمان بما احتوته وما تضمنته أيضا من الواجبات في العقيدة، والذي يعظم هذه الراية لتعظيم من رفعها، وتعظيم القيادة التي أمرت برفعها، فهذا مشروع، وهو تعظيم عادة وليس من باب تعظيم العبادة التي لا تصرف إلا لله عزّ وجلّ، ففرق بين الأمرين، وينبغي أن يلاحظ كل مسلم الفروق الدقيقة في دين الله عزّ وجلّ).
|
|
|
| |
|