| |
نوافذ اللوبي أميمة الخميس
|
|
منذ مطالع الوعي كنا دوماً نسمع بلوبي صهيوني متنفِّذ قادر، وقريب من صناعة القرار في الولايات المتحدة، وأن هذا اللوبي هو الذي يجعل السياسات الأمريكية منحازة بشكل شبه كامل للممارسات الصهيونية في المنطقة، وعلى الرغم من أن هذا المفهوم بات الآن يندرج في كلاسيكيات التحليلات السياسية، إلا أننا ما برحنا نراه متداولاً هنا وهناك لا سيما على مستوى التحليلات السياسية المغلِّبة للطابع الانفعالي الإنشائي، والموجَّهة في خطابها إلى رجل الشارع البسيط. بالطبع تلك المسلَّمة كنا بحاجة إلى المزيد من الوقت لنعرف بأن إسرائيل هي إحدى القواعد العسكرية الأمريكية أثناء الحرب الباردة، وأن أمريكا تستعملها دوماً كقفاز تؤدِّب به العُصاة المتمردين في المنطقة بين الفينة والأخرى. لكن أعود لقضية اللوبي الصهيوني المتنفِّذ، التي يجدها البعض حقيقة مؤلمة وغير عادلة، من الناحية الأخرى عندما تحاول بعض الأطراف العربية تكوين لوبي عربي مقابل قوي وقادر على الوصول إلى مَواطن صناعة القرار هناك، فإن أول أمر سيواجه هذه الأطراف عند عودتها للوطن، هو كومة من تهم التخوين والعمالة والغمز في الولاءات.. قِصر النظر السياسي هذا، يعطينا مؤشراً واضحاً على عدم قدرة الشارع البسيط المُسيَّر والمُسيَّس على تكوين رؤية واضحة وموضوعية عن طبيعة التحالفات الدبلوماسية والدولية، لتصبح المباحثات والمؤتمرات أو أي من قنوات الاتصال مع الولايات المتحدة، هي أحد أبرز التهم الكافية للانتقاص من الوطنية والإقلال من الانتماء للمنطقة وقضاياها، وكأن لغة السلام والمباحثات وصمة عار، وفقط الذي يجدي هي الأجندات الهوجاء الرعناء الراغبة في وضع المنطقة برمّتها في عين العاصفة. بل إن بعض الأحزاب الشمولية تجعل قضية العمالة هي هدفها الأساس لتهد بلداً بكامله على رأس أهله، فالشعار الذي يعلنه الآن (حزب الله) في محاصرته للسراي الحكومي للحكومة المنتخبة في لبنان، هو شعار مقاومة المشروع الأمريكي في المنطقة، وهو يعلم أنه بهذه الشعوذة اللغوية، سيجر وراءه آلافاً من سذج الشعارات والمهرولين باتجاه أفخاخ العنتريات، وصولات الكلام المتهافت، والأحلام الطوباوية، دون أن يشعر أي منهم، إنما تلك الشعارات تخفي وراءها الحُلم الفارسي القديم الذي يخبو، ومن ثم لا يلبث أن يبرز بحسب مد وجزر المناخ الإقليمي. حينما ينجح بعض الدبلوماسيين المهرة في فتح قنوات ذات اتجاهين للتفاوض وليس إملاء الرغبات، مع الاقتراب من صنَّاع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، إنما هم يُقدِّمون نقلة للقضايا العربية والدبلوماسية العربية معاً، ولعلنا لم ننس بعد كلمات السيد نصر الله المتوسِّلة واستجداءاته أثناء الحرب على لبنان بالحكومات العربية، أن توظِّف نفوذها لدى الولايات المتحدة، لوقف القصف الإسرائيلي المتوحش على لبنان آنذاك. ويبدو أن فترة الصيف انقشعت وغادرت وحملت معها جميع مراراتها وذكرياتها الدامية، وها هو وجه السيد عاد ليطل علينا بين الفترة والأخرى ليهدد بالويل والثبور لأمريكا ومن يسميهم حلفاءها في المنطقة. هذه الغيبوية التي يعيشها الشارع العربي، والذاكرة القصيرة جداً، التي تهيمن عليه، هي التي تجعله قابلاً للاستجابة، لحواة الكلام ومشعوذي الألفاظ، مع غياب كامل للوعي والقدرة على التحليل والانتصار للعقل.
|
|
|
| |
|