| |
ليل بغداد يفقد بريقه وشوارعها تتحوَّل إلى مدن أشباح بحلول الظلام
|
|
* بغداد - د. ب.أ: لم يعد ليل بغداد جميلاً ولا ملاذاً يستهوي مئات الأسر للخروج للتسلية وتناول وجبات سريعة ومرطبات أو لتبادل الزيارات مع الأهل والأصدقاء كما اعتادوا عليه منذ عشرات السنين بعد أن ألقت أعمال العنف وفقدان الأمن بظلالها على هذا البلد بشكل مخيف للغاية.. فلا تُوجد مسارح ولا دور للسينما ولا منتديات أو مطاعم فاخرة وأماكن للترفيه والتسلية واللهو ولا شوارع عامة تعج بالفتية والفتيات وهم يلهون مثلما يعيش أقرانهم في البلدان الأخرى. الجميع يقفل أبوابه بعد الساعة الخامسة عصراً وتخلو الشوارع من هذه المظاهر ليركن كل واحد في منزله آمناً.. هذه المظاهر لم يألفها العراقيون من قبل ولا سيما أهل بغداد، حيث كان ليلها خلاّباً مفعماً بالحياة والحيوية خصوصاً في شارع أبو النواس حيث تكثر المطاعم الفاخرة وأماكن شرب الخمور والإنارة الجميلة التي تدلك إلى أماكن الترفيه وهذا ينسحب بالطبع على شوارع أخرى أبرزها شارع الرشيد والسعدون والمنصور والكرادة والحارثية وشارع فلسطين والأعظمية والكاظمية. وقال وليد خالد (59 عاماً) وهو موظف متقاعد: (أصبح ليل بغداد مخيفاً بعد أن كان مفعماً بالحيوية والرفاهية).. وأضاف: (كل شيء تغيَّر بعد الاحتلال الأمريكي واستبدل الأمان بالرعب والخوف والقتل والظلام الدامس بسبب فقدان الطاقة الكهربائية بشكل شبه كامل). وتابع خالد: (كانت بغداد في السابق مدينة حضارية تشاهد فيها الناس من شتى الأجناس من العرب والأجانب يتحركون ويتبضَّعون ويمارسون حياتهم بحرية دون خوف أما الآن فهذا المشهد أصبح من الأمنيات).. وقال باسل مهدي (64 عاماً) - صاحب محل تجاري: (بغداد اليوم لا تشبه بغداد الأمس لقد ارتدت بغداد اليوم زياً لم ترده من قبل وأصبح ليلها موحشاً بعد أن كان جميلاً). والذي يتجوَّل في شوارع بغداد الرئيسة يشاهد أن المسارح الأهلية ودور السينما أقفلت أبوابها وأصبحت مكاناً لتجمُّع النفايات، فيما يقدم المسرح الوطني عروضاً في النهار لا يشاهدها سوى الفنانين فيما يتقاطر الزبائن إلى المطاعم وسط تخوف من وقوع انفجار كما يحدث بين الحين والآخر حينما يتسلل انتحاري إلى وسط المطاعم الكبرى أو مطاعم الوجبات السريعة ومن ثم يفجر نفسه ليوقع عدداً كبيراً من القتلى. وتفرض السلطات العراقية حظراً للتجوال يبدأ من الساعة التاسعة ليلاً وحتى السادسة صباحاً في بغداد كإجراء احترازي للحد من أعمال العنف، لكن هذا الإجراء لا يحول دون سماع دوي انفجارات في ضواحٍ متفرقة من بغداد بين الحين والآخر. ولجأ الأهالي في عدد من الأحياء السكنية إلى اعتماد تدابير أمنية خاصة تتمثل بغلق جميع الشوارع بشكل كامل مع حلول الظلام باستخدام وسائل بدائية مثل جذوع الأشجار أو مواد مستهلكة فيما يتناوب شباب من أهالي هذه الأحياء حراسة هذه المداخل خوفاً من تسلل آخرين لتنفيذ عمليات قتل أو اختطاف. ورغم أن هذا الإجراء محفوف بالمخاطر، لكنه يحظى بتقدير الأهالي نظراً لأنه يمنحهم الاطمئنان لوجود آخرين يحرسونهم بشكل تطوعي.. ويقضي الأهالي ليلهم في مشاهدة المحطات الفضائية باستخدام مولدات كهربائية خاصة أو بدفع مبالغ اشتراك في مولدات يملكها آخرون، والتي اتسع انتشارها لفقدان التيار الكهربائي الحكومي لأكثر من 18 ساعة يومياً بسبب عدم قدرة المحطات على توليد الطاقة الكهربائية وتعرضها لأعمال تخريب من قبل الجماعات المسلحة، فيما يستخدم أصحاب الدخل المحدود والفقراء الفوانيس لقضاء ليلتهم أو النوم مبكراً.
|
|
|
| |
|