كانت هذه الأبيات ضمن كلمة ألقاها كاتبها نيابة عن الباحثين في ندوة (الحركة العلمية والأدبية في حلب زمن الأيوبيين) بتاريخ 7-11-1427هـ وقدَّم لها بقوله: هأنذا الآن أبتهج وأسعد مرة أخرى بزيارة سورية التاريخ والإباء لأشهد عرساً من أعراس شهبانها موطن العراقة الحضارية الرائعة ومسرح التعددية الثقافية المتآلفة، وبينما كنت أهيئ نفسي للسفر من رحاب الرياض العامرة.. إلى رحاب شقيقتها حلب أعجوبة سورية وشهبائها المتدفقة عطاءً تجدَّدت في ذاكرتي راقصة أبيات أبي الطيب المتنبي:
لا أقمنا على مكانٍ وإن طا |
ب ولا يمكن المكانَ الرحيل |
كلَّما رحَّبت بنا الروضُ قلنا |
فيك مرعى جِيادنا والمَطَايا |
وإليها وَجِيبنا والدَّميل |
ولم يكن رقص تلك الأبيات في ذاكرتي إلا تلويحاً مغرياً لعاطفتي ليجعل نفسي تهفو إلى أن أنهج على منوال ذلك الشاعر العملاق، فأكتب هذه الأبيات متشبهة بأبيات قصيدته، بحراً وقافية:
منية الروح أن يكون السبيلُ |
لربوعٍ بهن يُشفَى العليلُ |
ومغاني الشهباء دوحُ فخارٍ |
لوحةٌ من روائع الفنِّ فيها |
لم يشب ما يزينهم من سجايا |
وصبايا من جَنِّة الخلد حُورٌ |
يرتدين العفافَ ثوباً قشيباً |
إيهِ يا روعةَ الديار فؤادي |
حاملي الودُّ والغرامُ الدليل |
بشبا العَزمِ حين خار الذليل |
من نسيج الإبداع مجدٌ أثيل |
يُسكِر الكون من قوافيه قِيل |
ما حكى الغير حين عزَّ البديل |
من كمثلِ الكِنديِّ إن زفَّ خُوداً |
في دُنى الشعر ما لهن مثيل؟ |
نال إعجابه سليلُ بني حمدان |
فهو في السلمِ حاكمٌ لا يُضاهَى |
وهو في الحرب سيفُ نصرٍ صقيل |
كلُّ ماقيل في الثناء عليه |
جمع المكرماتِ فالأصلُ سامٍ |
***
إيهِ يا روعة الدِّيار ومهداً |
بهجتي في حماك عُظْمى وقلبي |
واجفٌ إذ بدا لعيني الرحيل |
|