الحواس الخمس هي نافذتنا التي نرى بها العالم بالرغم من أن حواسنا عاملة ونشيطة باستمرار إلا أن لكل واحد منا نظاماً تمثيلياً يغلب على بقية النظم ويسمى النظام التمثيلي الأولي.
هناك ثلاثة أنواع رئيسية للأنظمة التمثيلية وهي الشخص ذو النظام البصري (الصوري) والشخص ذو النظام السمعي، والشخص ذو النظام الحسي (ويدخل ضمنه الشمي، التذوقي، اللمسي) وذلك طبقاً للبيئة التي يعيش فيها الإنسان والحاسة التي يعتمد عليها ليبقى على قيد الحياة ويستمر في عمارة الأرض والنشاطات اليومية الضرورية.
فالشخص البصري تجده يميل إلى التنفس السريع والتحدث السريع ويعتمد على الحركات لدعم أقواله، سريع الانفعال ويتخذ قراراته بصورة فورية وغالباً ما يستخدم تأكيدات لغوية صورية (أتصور، يبدو لي، يظهر لي، وجهة نظري، إلخ..) وعادة ما تكون هذه الشخصية في البيئة الجبلية والغابات.
والشخص السمعي يتنفس بعمق ويفضل الامتناع عن الكلام وعندما يتحدث يفعل ذلك بنغمات صوتية متباينة ويتأنى في الحديث والاستماع ويبني قراراته على التحليل الدقيق وجمع أكبر قدر من المعلومات وغالباً ما يستخدم تأكيدات لغوية سمعية (يسمع، يقول، ضجيج، إيقاع.. إلخ).
وعادة ما تكون هذه الشخصية في البيئة الصحراوية والسهول.
أما الشخص الحسي فيتنفس ببطء وينصب اهتمامه الرئيسي على العواطف وفي الغالب ما تكون قراراته مبنية على الأحاسيس والمشاعر ويستخدم تأكيدات لغوية حسية (يشعر، هدوء، إحباط، وحيد.. إلخ) وعادة ما تكون هذه الشخصية في البيئة البحرية والساحلية.
وهناك أشخاص يحملون خليطاً من هذه النظم الثلاثة في وقت واحد.
وبما أن الشاعر إنسان يتأثر بما يتأثر به الناس فهو يصنف أيضاً إلى ثلاثة أصناف رئيسية هي بصري وسمعي وحسي ويتضح جلياً على قصائدهم وطريقة إلقائهم للشعر.
فلو طلبنا من ثلاثة شعراء بصري وسمعي وحسي أن يصفوا لنا إحدى المعارك القديمة لوجدت الشاعر البصري يصف لمعان السيوف وغبار الخيل ودماء القتلى وجميعها صور بصرية، ولوجدنا الشاعر السمعي يصف صهيل الخيول وضجيج المعركة وصراخ الأبطال وجميعها صور سمعية، ولوجدنا الشاعر الحسي يصف مشاعر الخوف والشجاعة والذهول والحزن وجميعها صور حسية.
كذلك لو طلبنا من نفس الشعراء أن يصفوا لنا يوماً ربيعياً ممطراً لوجدنا الشاعر البصري يصف تفتح الأزهار ومظاهر الخضرة ولون أشعة الشمس وهي صور بصرية، ولوجدنا الشاعر السمعي يصف خرير الماء وزقزقة العصافير وصوت الريح وهي صور سمعية، كذلك نجد الشاعر الحسي يصف مشاعر البهجة والسرور والانشراح وجميعها صور حسية بلا شك.
وهناك شعراء يحملون خليطاً من هذه النظم وغالباً ما تجدهم عاشوا في بيئات وحضارات مختلفة.
وبما أن الجمهور أو المتلقين أيضاً هم جزء من هذه الشخصيات فهم أيضاً تجدهم يتفاعلون مع الشخصيات المطابقة فتجد البصري ينجذب إلى الشاعر البصري والسمعي ينجذب إلى الشاعر السمعي وكذلك الحسي ينجذب إلى الشاعر الحسي وذلك من خلال التعابير المستخدمة وطريقة الإلقاء.
بالفصيح: