| |
لما هو آت وطن آخر فينا.....! د. خيرية إبراهيم السقاف
|
|
فكرت البارحة أن أقتحم ذاكرتي بغتة بلا استئذان......... فكرت فيما سيدهشني منها إن استجابت بانتقاء..... إذ غالباً ما يدهشني أمرها حين تحضر لي مواقف وشخوصاً ولكمات وأحداثاً لم أكن أدري أين رتبتها في داخلها على حين لحظة...... كنت أيضاً أتمنى أن ذاكرتي تفتح لي أبوابها المتداخلة وتأخذني في جولة لحجراتها وتفضي بشفافية عما تحتويه ملفاتها........ كنت أيضاً أتمنى أن ذاكرتي تسلمني لفترة مفاتيحها وتستريح هي في انتظاري حتى أقوم، فأتجول داخل أوطانها ومدنها ومنازلها وحجراتها وأقبيتها وردهاتها....... كنت أتساءل كم من الزمن تحتاج إليه رحلة مثل هذه كي أنظم الوقت وأرسم موعد التوجه إليها....... كما كنت أتمنى أن تتيح لي ذاكرتي مثل هذه الفرصة، لكنها بالتأكيد لن تدعني أتجول فيها بمفردي ذلك لأنني أتوقع أنها ذات طقوس وعادات ولها أعراف وتقاليد....... فهل ذاكرتي سوف تنظم لي جدولاً ومواعيد، وترتب لي لقاءات وتمنحني ما يمنح الزائر برنامج تجول ومواعيد تغذية وفرصة استعادة نشاط........؟ ترى من في داخل هذه الذاكرة من المعاونين لها؟ ومن هم خاصتها الذين سيستقبلونني ويهيئون لي رحلتي وجولتي...........؟ وهل ذاكرتي من السعة والتقسيمات ما يجعلها في هيئة وطن كبير......؟ أم هي مدينة متاخمة البيوت.....؟ أم هي بيت صغير له حجرات محددة..........؟ وهل تقوم تقسيماتها على أوَّليَّات؟ ومزايا؟ وهل ترتيبها زمنياً طردياً أم عكسياً...........؟ وهل ذاكرتي لديها حجرات للنفايات ومصانع لإعادة تدوير الوارد إليها... أم هي أرشيفية........؟ وفي حالة أنها أذنت لي بهكذا جولة هل ستقفز بي....؟ أم ستأخذني في دورة مرتبة زمنياً...........؟ وهل هي انتقائية.......... أو توثيقية..........؟ وهل ذاكرتي لها محكمة وقضاة.......؟ بمعنى هل سأكون ضيفة تملك حرية التنقل والتمتع بالرحلة فيها......؟ أم ستقبض علي وتدخلني لمحكمة التأنيب..........؟ وهل من هذه الرحلة سأعود بحصاد....؟ أم سأؤوب برماد..........؟ *** أفقت من هواجسي وكوب قهوتي قد ثلجت أطرافه.... يشكو الصقيع الذي يحتوينا............ فبرد الرياض قارس......... لكن،....... هل وطن الذاكرة يدفئنا فنأوي إليه........؟
|
|
|
| |
|