| |
الأربعاء 4 محرم 1393هـ الموافق 7 فبراير 1973م - العدد (515) الأدباء الشباب في الوطن العربي على رأس الحربة..
|
|
بقلم: نايف المخيمر تعيش مجتمعاتنا العربية اليوم مرحلة انتقالية حرجة هي من أخطر مراحل وجودها واستمرارها المتقاعس في ممارسة هذا الوجود على أسس سليمة ومتكافئة.. فاليقظة المتململة المدهوشة بعد الغفوة الطويلة هي أشبه بتحفز بطيء وحذر لتقبل واقع حياتي جديد لم تبرز معالمه بوضوح، وبالتالي لا يزال جوهرة من الداخل في طور النمو الباكر، شكلياته الخارجية تترعرع وتتجدد بسرعة مذهلة مما يزيد في ترقب هذا الوضع خوفا وقلقاً. والأدب - كمواكب وراصد أمني لظروف وتقلبات هذه المجتمعات التي تشكل أمة واحدة - تأثر هو الآخر بظواهر انفصال شكليات هذا الوضع للجوهر وسبقها له، وأخذ يطرح معالجات نظرية تقريرية لهذا الواقع ليس فيها من العمق - الحسي شيء لانعدام وضع الرؤية أولا، ولتفوق الشكل على الجوهر كما ذكرت.. والأدباء الشباب - الأكثر وعياً - وجدوا أنفسهم - فجأة - على رأس حربة حادة توخزهم دائماً لطرح مواضيع جادة وعميقة لمعالجة هذه النتيجة تبدأ أولا برسم معالم الطريق الصحيح لهذه المجتمعات التي لا زال النعاس يراود أجفانها فلا ترى إلا البراق من الأشياء، ولكن هذه الخطوة بالذات تشكل أزمة حقيقية لهؤلاء الأدباء.. فالناس الذين وجدوا أنفسهم يستيقظون فجأة على أشياء مادية مدهشة ملموسة ليسوا مستعدين أصلاً للبحث عن حقيقة تستهلك الكثير من جهدهم علاوة على صعوبة استيعابهم لها أحياناً بينما هم يجدون بديلاً عنها في ما يطرحه المستغلون الماديون الأذكياء لهذه المرحلة من نتاج فكري رخيص يتمثل في القصص البوليسية والأفلام العربية والأغاني الساذجة علاوة على ما تقذف به الصحافة العربية من قشور الثقافة لشغر واستهلاك وقت هؤلاء الناس وحثهم على تقبل هذا الوقاع كما هو دون البحث الجاد والواقع عن أسلوب سليم لممارسته. إن الإنسان في المجتمع العربي تعود التثاؤب على (مخدات الريش) وإطلاق الخيال لأمنياته وأحلامه، وبالتالي تعود من الفكر ما يتناسبق مع هذه الأمنيات والأحلام وزادته الطفرة المادية المفاجئة تشبثاً بهذا النوع من الفكر، والأديب الشاب مطالب بلسع هذا المستلقي الكسول وذر الجمر في عينيه ليستيقظ على واقع معاش له حسناته وسيئاته التي ساهم هو بصنع الكثير منها، ليبدأ في رسم أولى الخطى لوضع حضاري جديد يقوم أولاً على وضوح الرؤية ولا شيء، إن مهمة هذا الأديب صعبة.. وصعبة للغاية، ولكنه لا بد وأن يوفق إذا ما عود نفسه والناس على أن يكون في الطليعة.. وإذا ما آمن هؤلاء الناس بريادة الأديب، وساروا خلفه في أية مجاهل قادم إليها دون أن يطلبوا منه أن يتطرق لأهوائهم الشخصية التي لن تكون رؤيتهم لها واضحة وضوحها للأديب.
|
|
|
| |
|