| |
الأربعاء 20 من ذي الحجة 1392هـ - 24 من يناير 1973م - العدد 503 بوتقة.. مبارك إبراهيم
|
|
أي شاطئ جليدي هذا نحدو زورقنا الورقي إليه؟ السماء تضحك بالنجوم.. والجو يتنفس بهدوء فيهدد عواطفنا بنسيمه.. نحن الآن نعبر أغوار المجهول فنشرب السراب ونكره المطر.. تسحق جوانحنا جراحات الأيام.. والوهم المخيف يقبضنا بأصابع حديدية قاسية.. والغيوم لا تزال.. نسح ما نسح من دموعها الثقال ودغدغت صمت العصافير على الشجر أنشودة المطر حياتنا قاسية شرسة.. إنها تفرض علينا أن نقاوم الفناء، ولكن.. المطر.. يخنق كل الغبار على الجليد. المطر.. يلثم الأرض بشدة وكأنه يحمل معه شوق السنين للهات إلى الغد. لا.. ما عدت أكره المطر لان (جميل) يحبه (وقيس) يدعو به، ولأنني أحب الصحراء.. والعشب والزهور. لم يعد المطر يحضر في وجداني مستنقع حزن أسود. لكنه الآن يشعل كل المصابيح في أعماقي.. يثير فيّ كل حب الأطفال إلى المطر.. أحب المطر كحبي للشعر الذي تمكن فيه الصرخة الأزلية الإنسانية.. أحبه حتى وإن أبكاني حين اسمعه: أتعلمين أي حزن يبعث المطر
وكيف تنشج المزاريب إذا انهمر وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياع بلا انتهاء كالدم المراق كالجياع كالحب كالأطفال كالموتى هو المطر ورغم ما تلطمني به الوحدة من حزن، ورغم ما يمتص من حرارتي ذلك المطر.. ورغم كرهي لدموعي.. إلا أنني ما عدت أكره المطر.
|
|
|
| |
|