| |
الجمعة 13 محرم 1393هـ - الموافق 16 فبراير 1973م - العدد 523 دور الموسيقى في الفيلم العربي بقلم: صلاح عز الدين
|
|
في الأسبوع الماضي كنا قدمنا الحلقة الأولى من المقالة القيمة (دور الموسيقى في الفيلم العربي) وفي هذا الاسبوع نقدم الحلقة الثانية. - ثبات وتفوق كهذين للموسيقى يجد ان تفسيرهما في طلب ملح للون موسيقي ما.. ومن الثابت ان الفيلم يجب ان يكفي حاجة اجتماعية يمكن ان تظهر بقبول مباشر لشيء جديد المظهر مستحدث في فن التأليف.. وقد يحدث ايضا ان صوتا جديدا يلاقي استقبالا حماسيا ويبقى شعبيا لمدة تتراوح في الطول والقصر.. اننا نجد في استقصائنا لأحداث شبيهة وسيلة أكيدة للأداء ببراهين واضحة عن تغيير في أذواق الجماهير، والا لتعذر ادراك ثبات مطرب او اسلوب في التأليف لفترة معينة في الانتاج السينمائي. ما فتئ عبدالوهاب وأم كلثوم محببين للجماهير رغم اعتزالهما التمثيل، فعبدالوهاب كمطرب ومؤلف اخذا تحت حمايته الفنانين الفتيان، مازال يؤدي رسالته في العالم الموسيقي العربي ويعتبر مجدد الموسيقى الشرقية الذي لا يعرف الكل..! أما أم كلثوم فلا تزال سيدة الاغنية العربية بصوتها وحنجرتها التي لا تضاهي، فهي تتمتع بإعجاب لا جدال فيه في العالم العربي قاطبة. أما ليلى مراد فقد اعتزلت منذ ما يقارب عشر سنوات وتقضي حياة عائلية هادئة وتكتفي ببعض تسجيلات متقطعة. وبالنسبة لشادية وصباح، فقد ازدادت شعبيتهما.. وما يزال فريد الأطرش يحتفظ بجمهور بقي له مخلصاً.. وكان فريد الاطرش يعتمد على صوته الجميل الاخاذ لينشر أغاني السحر والفتنة، وقد لجأ هو الآخر الى آلات الطرب الغربية وخاصة البيانو.. هناك ميول أخرى ممثلة بعمل المطربين والمؤلفين من أمثال محمد فوزي الذي نهج اللحن الخفيف والسريع، انتهجه بعده مطربون أمثال شادية وصباح.. وتفرد محمد عبدالوهاب من بين كافة المطربين المؤلفين بالطليعة منذ ان انطلق وعرف كيف يبقى فيها دون وهن حتى يومنا هذا.. بينما كان آخرون يطويهم النسيان.. بادئ ذي بدء.. وفي فيلمه الأول سدد الضربة الأولى لما كان يعتبر في تلك الآونة: موسيقى الأغنية: في هذا الفيلم اقتصرت الأغنية على ثلاثة أرباع مدتها دون ان تفقد أية قيمة من سحرها.. وأدخل أيضا ايقاع موسيقى الرقص الأوروبي السريع، وهذا جديد بالنسبة لمجتمع لم يكتمل بعد تطوره في سنوات الثلاثين وخاصة لجمهور هواة الغناء العربي.. ولا ننسى أنه في تلك الحقبة لم يكن للتسجيلات الأوروبية ولا للمصالح الإذاعية فعاليتها الحالية لبث هذا الميل.. ومن هذه الزاوية، كان عبدالوهاب سباقا لأنه عرف كيف يزن مستحدثاته دون ان يصدم او يزعزع نفوذ الاصل الشرقي في الموسيقى العربية. وبفضل عبدالوهاب أيضا أخذ فن الموسيقى يلجأ للآلات التي لم يسبق وشعر احد بالحاجة إليها، فالجمهور قد اعتاد ان يجد في أفلام عبدالوهاب شيئا مستحدثا سواء في التأليف او استعمال آلات الطرب. وفي الواقع كان كل فيلم له يظهر آلة جديدة، جديدة، ويضاف الى ما أتى به اهتمامه المتواصل باللون الفولكروري (الموال) فما كان يتردد ان يسمع البعض للجميل منه في أفلامه.. ولقد حاول ايضا ان يبحث الأوبريت بتقديمه نماذج منها في اغلبية أفلامه وكان هذا اللون المهمل يستعيد انطلاقته بفضل مهارة عبدالوهاب الموسيقية ولكن خرق مقليديه اعادة الى عالم النسيان ثانية..! من الوجهة الاجتماعية كان نجاح عبدالوهاب لدى انطلاقه نتيجة تطور جيل جديد لم يشهد موسيقى الحقبة السابقة المثقلة بالانغام الشرقية، هذا الجيل وجد ان ليس ثمة قيود تمنعه من قبول توجيه جديد بينما هناك أقلية ما برحت متمسكة بالتقاليد وبفكرة (التخت) الاوركسترا الشرقية.. ان الغياب الكامل للتخت في الأفلام يثبت ان الأكثرية كانت تميل الى اوركسترا حديثة وهذا يعني سرعة في الايقاع وخفة في الروح. كان هذا المجتمع قد انتهى من حقبة حياة بطيئة واخذ يلقي نظرات على تقدم الغرب الذي ينعكس حتى في الحياة الفردية.. وفي هذه الفترة كانت الافلام العربية تفي كليا الرغبة العامة في بحثها عن أوضاع أكثر عصرية.. اللباس.. الأثاث.. ونمط الحياة.. الخ.. ولم تكن وسائل المواصلات في ذلك الحين بنموها الحالي.. وكانت الموسيقى تمثل رمز للتجديد الاجتماعي تقدم سريعا في العشر السنوات التالية حتى اصبح على قدم المساواة مع حركة التمديد في مختلف أوجه الحياة (الأزياء الديكور والأثاث).
|
|
|
| |
|