أزمة البورصة لا تزال على حالها منذ بدأت الهاوية الشديدة التي عصفت بأحلام الناس والتهمت أموالهم ومدخراتهم وأدركوا عندها أن حلمهم وآمالهم في استثمار ما وضعوه أصبح لقمة سائغة للكبار القادرين على الصمود وتتحمل أموالهم أية هزات لحين عودة الأرباح الطائلة وإن طال الزمن، لكن البسطاء الذين باعوا ما لديهم ودفعوا ما ادخروه ليس بمقدورهم الصبر على ما أصبحوا عليه من ضيق الحال ونقص عليهم العيش وجلب لهم المشاكل.قبل فترة وتحديداً في 22 شوال الماضي قرأت على صفحات (الجزيرة) الغراء قصيدة للشاعر المعروف ذي الرأي السديد الأستاذ صالح بن حمد المالك. القصيدة بعنوان (الهم القاتل) هي رسالة إلى معالي رئيس هيئة سوق المال الدكتور عبدالرحمن التويجري.. القصيدة طويلة ولا يتسع المجال هنا إلى كل أبياتها ذات المضامين القوية تجاه الأزمة وهوامير السوق والبريء والمتهم والضحية والجلاد في أزمة الأسهم التي تستحق التحرك بل تدعو إلى الإنقاذ عاجلاً غير آجل لأنها أحرقت مليارات الريالات. يقول الأستاذ الشاعر صالح المالك في مطلع القصيدة مخاطباً معالي رئيس الهيئة الدكتور عبدالرحمن التويجري:
قدت السفينة في ثبات فانبرت |
أمواج بحر السوق حتى أغرقت |
وتلاشت الأحلام أو هي أعدمت |
ورمت صغار السوق في أطماعها |
اللعبة حقاً كانت ولا تزال كبيرة، والمتحكمون يديرونها حسب أصول اللعبة، ولكن الأزمة تأبى إلا أن تستمر. والبسطاء لا يطيقون عليها صبراً، وليس أمامهم إلا هيئة سوق المال والجهات المعنية التي يطالبونها بالتدخل. فهناك فرق بين ضعاف المال قليلي الخبرة وبين هوامير يجلسون أمام شاشات التداول بأعصاب باردة ويتخذون القرارات بشأن أسهمهم على نار هادئة حتى تنضج العملية والمضاربات.. ولكن ماذا يفعل (الغلابة) الذين تداينوا وباعوا سيارات بخسارة وجمعوا ما لديهم ليصبوا في فم القرش وبطن الحوت. يقول الشاعر صالح المالك في قصيدته الرائعة:
دأبت على نهب الضعيف بحيلة |
فإذا اشتراه أتت إليه وحطمت |
والحل في أيدي القيادة من بها |
كل الحلول إذا الخطوب تجهمت |
لقد رسم شاعرنا العزيز الحالة ووصف الصورة المؤلمة لأزمة البورصة بواقعية. وأغنى عن ديباجات أفاضت في الشرح والوصف. وأعتقد أنه عبر عن رجاء الملايين ممن ينتظرون الحل في أن تتدخل الدولة وتتخذ هيئة سوق المال ما يلزم للخروج من هذا النفق المظلم والمؤلم.. صحيح أن البورصة لها قواعدها ويجيدها الكبار، وحتى الأزمات يصنعها الهوامير، ولكن بعد هذا الدرس الذي استوعبه صغار المستثمرين في الأسهم آن لهم أن يستعيدوا أنفساهم.صحيح أن خسائر وربح البورصة أو صعود الأخضر وهبوط الأحمر لا يأتي بقرار بين يوم وليلة. ولكن لا بد من تصحيح ينقذ الكثيرين الذين حاصرتهم الأزمة بالحسرة والمرارة. ومنهم مَنْ اعتلت صحته.. نرجو انفراجة قريبة، والله الهادي إلى سواء السبيل.
مصطفى محمد كتوعة
|