| |
نوافذ حوار .... التعليم أميمة الخميس
|
|
استطاع مركز الحوار الوطني أن يتجاوز بذكاء مأزقاً صعباً كان يترصّد به سواء على مستوى الأهداف أو الاستراتيجيات، فقد طوّقته مؤخراً الكثير من المخاوف وعلامات الاستفهام التي وصل بعضها للصحافة، خشية أن تتحوّل تلك التجربة الوطنية المتميّزة إلى مجرّد مؤسسة حكومية معرقلة بالشبكة البيروقراطية الهائلة المنفصلة عن نبض المكان والزمان، من خلال فقدان الحيوية والعجز عن التبدُّل ومسايرة المستجدات، لا سيما أنّ الحوار كآلية وثقافة، يفتقد الأرضية التي ينطلق منها ويعبر عنها عبر تاريخنا، فيظل منبتاً دون تأصيل أو علاقة بالجذور و كان على الغالب يتخذ طابعاً نخبوياً، دون أن يشتبك مع النسيج الثقافي للمجتمع أو يصبح جزءاً من الطابع العام. لكن يبدو أنّ تجربة الحوار الوطني استطاعت تجاوز الكثير من تلك المنعطفات السابقة، ففي اللقاء السادس (كان محوره التعليم) في مدينة الجوف الذي حظيت بالمشاركة فيه عبر وفد وزارة التربية والتعليم، كان هناك تغيير كبير في آلية الحوار، هذا التغيير ينطلق من الحيوية والتجدُّد التي يتمتع بها القائمون على مركز الحوار، حيث كان هناك عدد كبير من مسئولي التعليم وعلى رأسهم معالي الوزيرين، في اتصال ومواجهة مباشرة مع جميع أطياف المجتمع رجالهم ونسائهم، (حيث تحسب كل كلمة وترصد و قد تلتقطها الصحافة أيضاً وتذكِّر بها بعد سنوات طوال) وجميع المشاركين في الحوار كانوا تحت حالة تجييش نفسي كبيرة، ويتأبّطون كماً وافراً من الأسئلة الملتهبة التي في غالبها لا تحمل كل الود، ولاسيما أن التعليم هو هاجس كل بيت، بل هو هاجس الدولة الأول . يرافق كلّ هذا زخم إعلامي وافر يحوم دوماً حول التعليم ومخرجاته واستجابتها للمجتمع، هذا الزخم ظل يتصعّد عبر الجلسات التحضيرية التي طافت جميع أنحاء المملكة انتهاءً بالجلسات الختامية. جميع هذا كان من المكن أن يجعل المواجهة بين الطرفين حامية للغاية، لكن مركز الحوار الوطني استطاع بمهارة ولباقة أن يجعل تلك المواجهة نوعاً من المكاشفة الوطنية الحرة الجسورة بين أفراد البيت الواحد، استطاع المشاركون أن يلقوا بجميع أسئلتهم وإحباطاتهم وآمالهم واقتراحاتهم في الوقت نفسه، استطاع المسؤولون في التعليم بجميع مساراته، أن يوضحوا ويحللوا ويبرزوا بعضاً من الخطط والطموحات والأهداف، فجسّرت الجسور وأشرعت البوابات التي كانت في السابق مغلقة على الحيرة والغضب. منذ البداية اعتبرنا مركز الحوار الوطني هو خطوة حضارية يجب أن تكون رائدة ومتجاوزة، وتوازي حجم الطموحات المعلّقة به، ويبدو أنّه في اللقاء السادس الأخير تحققت تلك المواجهة الرائعة التي تكون عادة في البرلمانات المتحضرة, وحقق خطوة تجاوزت بمسافات ما يجب أن يقوم به أو بعض منه مجلس الشورى، لاسيما أنّ مشاركة النساء في الحوار الوطني مناصفة حيث تتمتع بكامل حقوقها وأهليتها، تمارس حقوقها الوطنية وواجباتها كمواطنة معنية وبمقدار عالٍ من التقدير، في حين أنّ مجلس الشورى ما برح عاجزاً حتى عن الاعتراف بأهلية المرأة للمشاركة، قد تزوره في زيارات خاطفة, ومن ثم يقذف بها هي وقضاياها خارجاً، (مجلس الشورى يرفض أن يناقش قيادة المرأة للسيارة إلى الآن). على كلِّ حال ليس هذا بموضوعي، لكن أعود إلى التعبير عن زهوي بالتألُّق والتجدُّد الذي يخطوه مركز شاب حيوي متجدِّد، كمركز الحوار الوطني .. كان يوماً كلمة صغيرة تجوهرت على لسان (أبي متعب) . أكتب مقالتي هذه ليلة السبت، وسنحظى بالوقوف بين يدي خادم الحرمين الشريفين يوم غدٍ إن شاء الله نقدم له بعضاً من الحصاد.
|
|
|
| |
|