| |
أضواء بدايات هيمنة الفكر الطائفي السياسي جاسر عبدالعزيز الجاسر
|
|
ما الذي آلت إليه الأوضاع في العراق بعد احتلال القوات الأمريكية للعراق؟؟ .. إذ بعد ثلاثة أعوام يتخبَّط العراق في فوضى أمنية، وانعدام الأمن في ظلِّ ضعف سيطرة الحكومة العراقية التي ومن خلال تبعيّة وزراء في الحكومة لأحزاب طائفية تقوم مليشياتها بأعمال إرهابية، طرفاً في عملية تخريب الأمن. هذا التدهور الأمني وهجرة ملايين العراقيين وتركهم لبلادهم بسبب طردهم من وظائفهم، وتهديدهم بالقتل وجلُّهم من أهل السنّة، والفوضى المستشرية في كلِّ نواحي الحياة، يؤكد أنّ الأمريكيين ارتكبوا جملة أخطاء استراتيجية من أهمها انحيازهم للشيعة ضد أهل السنّة، وإقصائهم للسنّة من كلِّ المفاصل الأساسية في العراق، وهو ما أجَّج الأوضاع هناك ودفع أهل السنّة لمواجهة الظلم الواقع عليهم، ودفع البعض منهم إلى الانضمام إلى المقاومة، والبعض الآخر ذهب إلى أكثر من ذلك إلى الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية كتنظيم القاعدة الذي استفاد من الفوضى التي صنعها الأمريكيون، ليصبح طرفاً فاعلاً في العراق. هذا الفرز السياسي الطائفي الذي أقدم عليه الأمريكيون، بعد أن وقعوا في الفخ الذي نصبته المعارضة العراقية السابقة والتي كانت جلَّها معارضة شيعية أوصل العراق إلى الحرب الأهلية التي تقرُّ بها جميع الأطراف المتداخلة في المسألة العراقية، وإنْ اختلفت في تصنيف الحالة، وتباينت في تحديد المصطلح. والسؤال الذي يفرض نفسه، إن جارينا الواقع المعاش في العراق الذي يشهد، وفي كافة التفاصيل، وحسب الحالة التي نتابعها كلَّ يوم، حرباً أهلية .. السؤال: من هم أطراف الحرب الأهلية في العراق ..؟ ويتبعه سؤال آخر: من أجل أي شيء يقاتل كلُّ طرف..؟ في البداية لا بدَّ من توضيح نوعية الأطراف التي تخوض الحرب الأهلية في العراق والذين يمكن تصنيفهم على أنّهم نتيجة صراع طائفي سياسي، وسبب بروز هذا الصراع هو انحياز قوات الاحتلال الأمريكي إلى طائفة مذهبية وأخرى طائفة عرقية .. فالأمريكيون اعتمدوا في غزوهم للعراق على الشيعة كطائفة مذهبية حظيت بامتيازات، والأكراد على طائفة عرقية عزّزت مكاسبها التي صنعها الأمريكيون قبل الغزو، في المقابل تمَّ تجريد السنّة من كلِّ حقوقهم كمواطنين، حتى توفير الأمن فقدوه، بل واجهوا هجمات بعضها وصل إلى حدِّ الإبادة من القوات الأمريكية والحكومية في المناطق السنِّية في الرمادي والفلوجة وتلعفر وضواحي بغداد، وهنا حصل الفرز الطائفي السياسي .. فالسنّة الذين أقصوا وبتعمُّد في بداية الغزو عن العملية السياسية وتعرّضوا للعدوان عندما حاول الحفاظ على حقوقهم، وقد أدى انشغال قوات الاحتلال الأمريكية وقوات الحكومة العراقية في مواجهة أهل السنّة الذين اضطر أكثرهم إلى حمل السلاح لمواجهة الإقصاء والتهميش إلى نمو قوة الطائفتين المذهبية والعنصرية عسكرياً من خلال استعانة القوات الأمريكية والحكومية بالتشكيلات شبه العسكرية لهاتين الطائفتين، فالمليشيات الشيعية وباشمركة الأكراد شاركت القوات الأمريكية والحكومية في قمع أهل السنّة في الفلوجة والرمادي وتلعفر، وإذ انكفأ البشمركة الكردية في إقليم كردستان، فإنّ العناصر الشيعية ومن خلال سيطرة حزب الحكيم على وزارة الداخلية وتوزير باقر صولاخ وزيراً للداخلية، أدخلت المليشيات الشيعية في تشكيلات وزارة الداخلية، وبالتحديد في الشرطة والمغاوير لتظهر فرق الموت من رحم وزارة الداخلية والتي تخصصت في قتل قادة أهل السنّة .. في البداية حملت قوائم لقتل جميع ضباط الجيش العراقي من أهل السنّة، وخصوصاً الضباط الطيارين الذين شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية، وكانت القوائم تُرسل من طهران لتنفَّذ في بغداد والمدن العراقية، وبعد ذلك اتسعت العملية لقتل أساتذة الجامعة والأطباء من أهل السنّة وكلُّ هذه الأعمال تصنَّف كأعمال طائفية سياسية، لأنّها موجَّهة ضد أهل السنّة كونهم سنّة، والذين ينفِّذونها كشيعة مسيَّسين لا يخدمون التوجُّه المذهبي بقدر ما ينفِّذون أجندة سياسية ضمن إطار مذهبي ضيق. (غداً .. كيف ظهرت المليشيات الشيعية وماذا تخدم .. وكيف يعالج الأمريكيون ما صنعته أيديهم)؟
jaser@al-jazirah.com.sa |
|
|
| |
|