| |
أضواء محاولة أمريكية لإصلاح الخطأ جاسر عبدالعزيز الجاسر
|
|
أيّاً كان الموقف من زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى الأردن والتقائه برئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، إلاّ أنّها ستسهم في معالجة المسألة العراقية إنْ التزمت الإدارة الأمريكية بالتوجُّهات الجديدة التي صيغت وفق توصيات لجنة بيكر - هملتون، وترجمة نصائح أصدقاء أمريكا في المنطقة. لقاء بوش - المالكي في عمّان لم يكن فقط في تبليغ المالكي التوجُّهات الأمريكية الجديدة في العراق، بل كان فرصة لكلا الرجلين للخروج من المأزق الذي ولَّدته السياسة الأمريكية المتخبَّطة في العراق، وخضوع حكومة المالكي لسيطرة وهيمنة الأحزاب الشيعية الطائفية. الآن في واشنطن بدايةٌ لوضع استراتيجية واضحة لمعالجة المسألة العراقية، ولم تعد الإدارة الأمريكية المسيطر عليها من غلاة المحافظين الجدد وحدها تمسك بالملف العراقي، فالحزب الديمقراطي وعن طريق أكثريته في مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيَّين مشارك فعّال في رسم ومراقبة هذه الاستراتيجية التي تتشكَّل والتي أبلغ خطوطها وتوجُّهاتها الرئيس بوش لحليفه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. والتوجُّه الأمريكي الجديد المستمد من توصيات لجنة بيكر - هملتون ونصائح أصدقاء أمريكا في المنطقة وتقارير سفاراتها في بغداد والدول المجاورة للعراق، أوضحت أنّ واشنطن تعمل من خلال سياستها السابقة في العراق، على تقديم العراق لقمة سائغة إلى إيران، وأنّ تركيز القوات الأمريكية على محاربة أهل السنّة في العراق بحجة معارضتهم للاحتلال، ودعم الشيعة لأنّهم ساندوا الغزو ورحَّبوا بالقوات المحتلة، فكافأهم الأمريكيون بإقصاء السنّة من العملية السياسية في بادئ الأمر، وإضعافهم بحل الجيش الذي كان يقوده السنَّة، ثم تسريح وفصل كبار الموظفين ومحاربة النُّخبة المثقَّفة التي كان جلُّها من أهل السنّة وإقصائهم من وظائفهم، بل وحتى من المشاركة في الحياة الاجتماعية عن طريق استحداث ما سُمِّي بلجنة (اجتثاث البعث) كلُّ ذلك مكَّن الشيعة من السيطرة التامة على كلِّ مفاصل السُّلطة في العراق .. وبما أنّ الأحزاب الشيعية قد ربَّت كوادرها وقياداتها في إيران، فإنّ الأيدولوجية الأصولية الإيرانية والتوجُّهات الطائفية، هي التي طبعت أفعال هذه الأحزاب التي أرسلت رجالها للسيطرة على الوزارات الأساسية كوزارات الأمن والاقتصادية والنفط، مما مكّن أعضاء الأحزاب الشيعية الطائفية من السيطرة على مقوّمات الشارع العراقي والدولة العراقية، وهذا الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه الأمريكيون يدفع ثمنه أهل السنّة الآن، وتجني ثماره الأحزاب الشيعية التي لا تريد أن تتنازل عن هذه المكتسبات التي أخلّت بالتوازن في العراق، وتهدِّد بتقسيم العراق بعد أن يغرق في أتون الحرب الأهلية التي وإنْ يتحرَّج المعنيُّون ذكرها إلاّ أنّها قائمة فعلاً، حيث يفقد العراق من السنّة والشيعة معاً أكثر من ثلاثة آلاف قتيل شهرياً. غداً ... كيف يعالج الأمريكيون خطأهم الاستراتيجي في العراق؟!
jaser@al-jazirah.com.sa |
|
|
| |
|