| |
السنافي والسكر علي الخزيم
|
|
المكان قاعة انتظار أمام عيادة الماء الأزرق في مصحة عامة للعيون، أحد الجالسين أشار إلى أن سكر الدم يؤثِّر على مستوى النظر، فبرز رجل من جالية عربية ليعلن عن كشف طبي كعلاج لهذا الداء مكون من أربعة عناصر ثلاثة منها تتوفر غالباً في كثير من المنازل والرابع (يمضغ) حسب الرغبة، وعقب الإعلان مباشرة اشرأبت أعناق الرجال وحاولت العيون المجهدة بما لديها من بقية إبصار التفرّس بالمعلن وفي حدقاتها أسئلة، غير أن (سنافي) مال برأسه إلى ذلكم الدعي مهمهماً يشكو فحولته التي ذهبت مع حلول السكر بدمه، وهنا جاءت الفرصة وتحقَّق المبتغى فأجابه بصوت مرتفع: نعم، هذه الخلطة فيها السر العجيب، ومنذ أن بدأت استعمالها وأنا أبحث عن الزوجة الثانية، وتجدها عند العطار الفلاني (وكرّر عنوان العطار مراراً) وهو يؤكِّد أن ليس بالبلاد من يجيد إعدادها ومزجها مثله، وأنه لا بد من تناولها أربع مرات في اليوم.. وانفرجت أسارير غالبية القوم واتسعت ابتساماتهم حتى إن المرء ليعرف نوع حشوة أضراسهم، ويعرف من منهم قد أجرى عملية اللوز. والأمر لم ينته عند هذا الحد، بل قد اشتغلت الهواتف المحمولة ناقلةً الخبر والكشف العلمي حياً على الهواء، والأغرب من ذلك كله أن اتصالات مرتدة بدأت ترد لبعض من بالصالة ممن نشروا الخبر كرد فعل للتأكد من مميزات هذا المخلوط السحري وأغلب الاستفسارات ممن يمكن أن يُقال عنهم (السنافية) سابقاً، أي مع وقف التنفيذ حالياً.. أقول: لقد تاهت أُمة تتحكم بها شهواتها، وتساس عقولها بالملذات، فهذه المتع حتى وإن كانت حلالاً ومشروعاً طلبها فالأجدر أن لا تكون فوق همم ومهمات وضروريات وحاجات المجتمع.
|
|
|
| |
|