| |
مؤامرة التدخين في بلادنا!
|
|
لا أحسب أن هناك مدخناً أو غير مدخن لا يعلم المضار الصحية للتدخين حتى الآن ..فالكل يعلم تقريباً أنه لا نجاة من التدخين ، وأنه لا مفر من المرض ثم الموت مع التدخين ..أسوأ عادات الإنسان وأبرز سلوكياته المشينة. إن العالم المتحضر الآن يحاصر هذه العادة بصرامة في كل الأماكن المغلقة أو المفتوحة ، العامة و الخاصة، ويعمل دوماً على تطوير آلياته وأدواته لمواجهة هذا الداء وأيضاً لمواكبة ما تستحدثه شركات التبغ من أساليب ووسائل لإغراء المزيد من الشباب للإقبال على التدخين ومن أجل ذلك عملت الدول على تكوين تكتلات واتفاقيات دولية لإحكام الحصار حول التدخين ومنها ماعرف مؤخراً بالاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ وذلك للمخاطر الاقتصادية والاجتماعية الجمة على هذه الدول من جراء التدخين. ففي الوقت الذي تسعى فيه الحكومات على توجيه ورصد أكبر قدر ممكن من الميزانيات العامة للرعاية الصحية للمواطنين ، بهدف الحفاظ على معدلات مناسبة للمستويات الصحية لما يشكله ذلك من أهمية إنسانية واقتصادية لأي دولة ، تقفز مشكلة التدخين كأحد أهم أسباب العديد من الأمراض القاتلة والتي تساهم في إهدار مبالغ طائلة من ميزانيات الدول للإسراع في إصلاح ما أفسده هذا الوباء قبل أن يقضى على من ابتلي به ، مما يكبد الميزانيات العامة خسائر فادحة كان من المفترض أن توجه إلى مشكلات ذات أهمية كبيرة مثل قطاعات التعليم والبحوث العلمية وتطوير الإنتاج والتصنيع والرعاية الاجتماعية ، مما يدفع في تقدم الدول وتطورها. و لاخلاف على أن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر من اكثر الدول حاجة إلى إنسانها . فالمواطنون في الدول الخليجية هم زادها وزوادها ، حاضرها ومستقبلها ، على أكتافهم يجب أن تقوم بلادهم ، وبقدر إمكاناتهم وقدراتهم التعليمية والعلمية والصحية ستتطور بلادهم ، وتتقدم ، وتتبوأ المكانة المرموقة التي لا تعكس فقط قدراتها الاقتصادية ، بل وتاريخها وثقافتها وإسلامها العظيم . وانطلاقاً من ذلك تحرص الحكومات على رصد ميزانيات ضخمة من مقدراتها وإمكاناتها المادية للرعاية الصحية ، وقاية وعلاجاً ، بمستويات تفوق بكثير ما تواجهه كل دول العالم ، النامي والمتقدم منه ، بهدف أن تضمن مستقبلاً صحياً أفضل لمواطنيها وبالتالي مستقبلاً أكثر تقدماً لها !! وأذكر على سبيل المثال لا الحصر أن المملكة العربية السعودية ترصد سنوياً مليارات الريالات لتقديم أفضل رعاية صحية متقدمة للمواطنين والمقيمين على حد سواء من خلال مرافق وزارة الصحة الطبية والصحية المنتشرة في مختلف مناطقها المترامية الأطراف ، بعناية الحكومة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولى عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام - حفظهما الله- إدراكاً للأهمية الكبيرة للحفاظ على الصحة العامة ، ومعرفة لتأثيراتها الحيوية على مستقبل الوطن ، ولاشك أن جزءاً كبيراً من هذه الميزانيات تضيع هباء لعلاج الآثار السلبية للتدخين من الأمراض الصدرية والقلبية والسرطان والعياذ بالله ، وهي ميزانيات ضخمة يمكن استثمارها في الوقاية من الأمراض أو في التعليم أو الرعاية الاجتماعية أو خدمات تنمية وتحسين مشروعات مياه الشرب أو السكن ..وغيرها من مجالات ذات أهمية بالغة في الوقت الحاضر وللأجيال القادمة إلا أن انتشار داء التدخين وخاصة بين صغار السن من الأطفال والشباب ، بمثابة حجر عثرة للعديد من خطط التنمية !! لذا.. أعتقد أنه لا مجال أمام الدول الخليجية في المرحلة القادمة إلا الحفاظ على صحة مواطنيها وشبابها ، وكنوزها البشرية في المستقبل القريب والبعيد ، من خلال التصدي لظاهرة التدخين ، أسوأ وأخطر مظاهر العصر الحديث ، وأنه لامناص أمامنا سوى العمل بشكل جماعي، وليس كوزارات صحة فقط بل كافة المؤسسات والهيئات الحكومية والأهلية والأفراد كذلك حيث إن الأمر جد خطير ولابد من التكاتف ومواجهته بكافة الوسائل بالإضافة إلى أهمية العمل على تطوير الآليات للحد من هذا المرض كما تنادي به الاتفاقية الإطارية لمكافحة التدخين ، وتفعيل بنودها، مما يساعد بفاعلية على الحد من هذا المرض الذي يبدو كما المؤامرة التي توجه خفية لمقدراتنا وطاقاتنا من الشباب ، ثروتنا الحقيقية في التقدم والتطور. وفى يقيني إن لم نقم بتفعيل هذه الاتفاقيات الدولية ونعمل على إنشاء اللجان الوطنية لمكافحة هذا الداء الخطير وذاك الوباء الذي يتفشى بين أبنائنا - رجال المستقبل - سنكون حتماً مشاركين في المؤامرة !!
د. خالد بن محمد مرغلانى/المشرف العام على الإعلام والتوعية الصحية بوزارة الصحة
|
|
|
| |
|