| |
الجزء الثالث برنامج التثقيف الصحي لعيادات ديرما التغذية الجيدة أساس الصحة
|
|
إن (التغذية الجيدة أساس الصحة الجيدة).. لكن ما هي التغذية الجيدة؟ إنها لا تعني أكل كميات قليلة أو كميات كثيرة، ولا حتى مجرد الأكل بطريقة صحية، فالنمط الغذائي ليس إلا جزءاً من الصورة الكاملة.. إن التغذية الجيدة تعني حالة غذائية مستمرة تُمكِّن المرء من التمتع بصحة جيدة.. لكن الحالة الغذائية نفسها تعتمد على الصحة الجيدة وعلى أشياء أخرى.. إنها محصلة التأثير المتبادلة بين الحالة الصحية عموماً، والنمط الغذائي، والبيئة المادية والاجتماعية والاقتصادية. ليس من السهل تقريب مفهوم التغذية ومفهوم سوء التغذية للأذهان.. فالكثيرون يفترضون سوء التغذية مرادفاً للجوع، وأن كل ما هو مطلوب، لتصحيح هذه الحالة، هو أن نوفر لكل فرد ما يحتاجه من طعام.. لكن المسألة ليست كذلك. فهناك نمطان أساسيان لسوء التغذية، يتعلَّق أحدهما بحصول الجسم على حريرات ومغذيات تقل عن حاجته، بينما يتعلَّق الآخر بحصوله على فائض منها.. وفي كلتا الحالتين نجد اختلالاً بين العرض والطلب بالنسبة لما يحتاجه الجسم من المواد الخام لحفظ حياته. وسوء التغذية الناجم عن النقص يكون أكثر انتشاراً في البلدان النامية، حيث يتعرض الأطفال الصغار لنوبات متكررة من المرض، خصوصاً أمراض الإسهال التي تستنزف من أجسادهم المغذيات التي لا بد منها لنمو الجسم وتطوره بشكل سليم.. أما سوء التغذية الناجم عن الإفراط، والذي يسببه الإكثار من الطعام الدسم، والغني بالدهون والسكر والملح، فهو أكثر شيوعاً في البلدان الصناعية. بيد أن هذا التمايز بدأ يتضاءل بسرعة. ثمة أهمية كبيرة من الوجهة الصحية للنمط الغذائي المعتدل، غير أننا لا بد أن نفهم أن هذا النمط إنما يتشكَّل تدريجياً، يوماً بعد يوم، منذ بداية الحياة داخل الرحم، وهذا أمر تعرفه البلدان النامية تماماً، فهي ترى أعداداً كبيرة من صغارها يموتون أو يتقاصر نموهم بسبب الدوامة الخبيثة من الإصابات المرضية المتكررة وقصور التغذية المزمن الذي يرجع بالدرجة الأولى إلى ما تعانيه أمهاتهم من سوء الحالة الغذائية.. ونجد من جهة أخرى أن البلدان الصناعية قد بدأت تدرك أن الأمراض المزمنة التي تظهر في الكبر والشيخوخة غالباً ما يكون منشؤها في عادات التغذية غير الصحية التي يكتسبها المرء في مرحلة الطفولة. ويُعتبر رصد نمو الأطفال، ورصد ما يطرأ على وزن الجسم من تغيرات في الكبر، وسيلة فعالة لاكتشاف الخلل في إمداد الطاقة والمغذيات بالنسبة لاحتياج الجسم منها.. أما لاكتشاف حالات نقص اليود، أو فيتامين أ، أو الحديد - وهي كلها حالات تجمع الخطورة إلى سعة الانتشار - فيحتاج إلى فحوصات سريرية أو كيميائية حيوية. أما السياسة التي تهدف إلى نشر التغذية السليمة فتحتاج ابتداءً إلى فهم واضح يبيّن من هو الذي يعاني من سوء التغذية والأسباب في ذلك.. هذا وأن القياسات المجمعة للوزن والطول والسن والمستخدمة في تقدير الحالة الغذائية، وكذلك التقديرات الإكلينيكية والكيميائية الحيوية تساعدنا في تحديد من الذي يعاني سوء التغذية، أما معرفة أسبابها فالأمر أكثر تعقيداً، إلا أنه ضروري لتحديد دائرة العمل تحديداً دقيقاً.إن علاج سوء التغذية ليس أمراً مستعصياً على الإطلاق.. ويمكن الحد من سوء التغذية الناشئ عن النقص إلى النصف كما يمكن القضاء كلية على سوء التغذية الناشئ عن الإفراط، بتوفير الرعاية الصحية الأولية للجميع، بحيث يتسنى لهم من خلالها الاستفادة من نظام صحي شامل لكل المستويات، إلى جانب وجود حد أدنى من الخدمات الاجتماعية والبيئية كالإسكان المناسب، والتعليم، والتثقيف وغير ذلك من الخدمات الاجتماعية المختلفة.
منذر جبق /عيادات ديرما
|
|
|
| |
|