| |
الجميع خاسر في عراق المجازر
|
|
في كل يوم يزداد المشهد العراقي قتامة وتبرز على أرض الواقع فيه مؤشرات جديدة على انحدار هذا البلد بشكل داراماتيكي إلى حافة الهاوية والانهيارالسياسي والأمني الذي أصبحت المجازر البشرية ذات العيار الثقيل وما يعقبها من تصريحات رسمية تقليدية من أهم مقدماته وعناوينه الواضحة والمألوفة. ففي كل مرة يسقط عشرات أو مئات العراقيين تحت مقصلة الموت المجهول المصدر كما حصل في مجزرة بؤساء مدينة الصدر الأخيرة. تسارع كوادر الحكومة العراقية وعناصر النظام السياسي الحاكم ببغداد إلى تكرار ذات التصريحات والمناشدات بضبط النفس وعدم التسرع في ردود الأفعال والتحذير من الانزلاق إلى أتون حرب طائفية باتت بالفعل تطرق أبواب البلاد وبدأت ملامحها تتضح فيه من خلال انتشار ثقافة الموت والقتل والمجازر الجماعية التي حولت الساحة السياسية والأمنية في العراق إلى حلقة مفرغة يقف فيها الفرقاء العراقيون على جماجم أبناء طوائفهم سعياً منهم وراء مطامحهم وطموحاتهم الاثنية ونزعاتهم الانفصالية التي لن تنتج في آخر المطاف إلا وطناً يخسره الجميع وشعباً تهتضمه المجارز وعقليات الاستهداف الجماعي، فلقد تخطى الوضع العراقي المتأزم مرحلة المناشدات وتجاوز نطاق عقد الاجتماعات الحكومية الروتينية ورسم الخطط الأمنية وفرض حظر التجوال، وأصبحت المآسي التي تحفر في العمق العراقي بحاجة ماسة إلى وقفة جادة مع الذات من قبل صناع القرار العراقي لمراجعة ما سبق اتخاذه من قرارات متسرعة وغير مدروسة ساعدت على تأجيج وتسريع وتيرة العنف المتبادل، وأعطت الفرصة لأيادٍ خفية تجيد اللعب بالساحة العراقية من أجل مصالحها الخاصة أو لخدمة مصالح من تمثلهم من خارج حدود العراق، تلك المصالح التي لا يمكن الوقوف في وجهها والتصدي لها إلا بفتح المزيد من قنوات الاتصال والحوار بين كافة ألوان الطيف السياسي العراقي والابتعاد عن سياسية الإقصاء والتهميش لطائفة على حساب طائفة أخرى. ونبذ أساليب التعتيم على الحقائق للهروب من الاعتراف بالفشل الحكومي ولجم تصريحات الساسة المفعمين بروح الطائفية والتقوقع في الخطاب المذهبي المقيت والعمل على تقييد حركة سلاح الشوارع وإلغاء المحاكم الطائفية الخاصة بالميليشات المسلحة التي أصبحت بمثابة مرجع ديني وفقهي لكثير من عمليات القتل والتصفية الجسدية ضد المدنيين العزل، كما أنه من الأهمية بمكان تفعيل وترويج أجندات وأطروحات المصالحة والالتحام الوطني بين مكونات الشعب العراقي كافة وذلك ما يجب أن تضطلع به بشكل أساسي وسائل الإعلام العراقية من خلال التأكيد على حرمة الدم العراقي وحصانته ونبذ قناعات التكفير والفتاوى الأحادية العشوائية. ولعل وثيقة مكة المكرمة التي وقعت من قبل فرقاء الساحة العراقية كان بها من الخير الكثير لهذا الشعب المكلوم وهذا البلد المنكوب من أهله لو أنها أعطيت المساحة المطلوبة لها في فضاءات الإعلام العراقي وتم توظيفها بشكل فعال لتبديد غيوم الطائفية والاحتقان في الداخل، إلا أن الوثيقة أُهملت وهمشت لأسباب قد تكون مجهولة إلا لمن أراد ذلك وعمل عليه.
|
|
|
| |
|