| |
وعلامات هل علَّمتموهنَّ كيف يكتبنَ!؟ عبدالفتاح أبو مدين
|
|
في مدرسة إعدادية للبنات رقم (49) بالمدينة المنورة، طلبت معلِّمة لغة عربية من طالبات سنة ثالثة كتابة تحقيق صحافي .. وقد اجتهدت الفتيات الغلبانات على قدر فهمهن الضحل الضعيف، حاولن أن يعبِّرن حسب جهد المقل المفلس، وربما كان بعضهنّ قد كتب كلاماً جيداً في إحدى قضايا المجتمع في بلادنا .. غير أنّ المعلِّمة الحادقة لم يعجبها شيء مما قُدِّم إليها، فمزّقت تلك الورقات، ورفضت ما فيه حس صحافي يمكن أن يفي بالطلب! * والسؤال الذي يمكن أن يتردّد وهو تلقائي: هل المعلِّمات في مدارسنا يعلِّمن الطالبات القراءة الجيدة وسبل التعبير والتحقيقات الصحافية، حتى يمكن أن يُرفض ما يُكتب ويحاسبن المقصِّرات؟! وهل هذه المدرِّسة إن كان لها دراية بهذا النمط من السبل الصحافية؟ أزعم أنّها خالية الوفاض، ولو كانت تدرك شيئاً مما كلَّفت به الطالبات، لكانت خلال عملها في هذه المرحلة الإعدادية، قد درَّبتهنّ، وسنَّت لهنّ قواعد الريبورتاج الصحافي، عناصره، وبدايته، ثم هيكل كل موضوع وطرق التحاور الجيد لغة وتعبيراً، ثم الختام!؟ لا أتصوَّر معلِّمة تكلِّف طالباتها أن يقمن بموضوع تعبيري دون أن تدلّهن على مبادئه وخطواته، ووزن المتحاور معه، وقيمة الموضوع من جميع الجوانب .. ولعلّ الفراغ الذي حدث من إلغاء دور المفتش والمفتشة المدرسية، وتمييع هذا الواجب ترك الحبل على الغارب، وأصبحت المدرِّسة في حل من الحساب والسؤال، وأنّ الشهادة التي تتكئ عليها، هي الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الوظيفة، وإنّها لوظيفة خطيرة وشاقة للذي يحل فيها ويمارس مهامها ومسؤولياتها، غير أنّها مع الأسف أصبحت وظيفة تلقائية، يعبر إليها كُّل من بيده تلك الورقة التي لا تمثِّل قيمة المسؤولية لإنشاء وبناء أجيال للمستقبل .. ولعلَّ الأهم من ذلك - الخلق -، فهذا لا يُسأل عنه، لأنّه أصبح لا وزن له ولا قيمة، مع أنّه في مقدمة ما ينبغي الاهتمام، وباختفاء (المفتش) بتلك الصيغة التمييعية، التي أصبحت لا تمثِّل شيئاً ولا تعني شيئاً سوى الاسم - الموجِّه التربوي - ومثلها في حقل النسوة، ما هو التوجيه؟ ما تفسيره وما معطياته!؟ الحقيقة أنّه لا شيء كقيمة، مصطلح بلا معنى .. وهذا مما يجعل التعليم في مرحلة البناء وهي أهم المراحل، أنّه فارغ من محتواه، معلِّماً ومنهجاً ومقرّرات إلاّ ما ندر بنسب ضئيلة جداً، فهو إذاً تعليم بلا هدف يحقق المبتغى منه، وهو القيمة لكلِّ أُمّة تنشد الارتقاء والتفوُّق، لما بعده من تعليم جامعي وعالٍ .. وحين نردِّد أنّ فاقد الشيء لا يعطيه، فإنّما نعنى النتائج والمحصلة، التي لا تمثِّل إلاّ نسبة ضئيلة جداً إذا قيست بحجم الإنفاق على التعليم، الذي أظنه عائماً وغائماً بلا مرجعية، وليس هذا ما يراد ويحتاج إليه الوطن من خلال أُمّة تريد أن تكون، كما ارتقى غيرها ممن جاء بعدها، لكنه استطاع أن يشق طريقه - ليكون - !
|
|
|
| |
|