Al Jazirah NewsPaper Tuesday  21/11/2006G Issue 12472الاقتصاديةالثلاثاء 30 شوال 1427 هـ  21 نوفمبر2006 م   العدد  12472
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

كود البناء

دوليات

متابعة

محاضرة

منوعـات

نوافذ تسويقية

تغطية خاصة

القوى العاملة

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

زمان الجزيرة

الأخيــرة

التوسع في افتتاح كليات الهندسة هل يكون على حساب الجودة؟
د. عبدالرحمن بن فهد المرشود *

لقد قامت وزارة التعليم العالي في السنوات الأخيرة بافتتاح عدد من كليات الهندسة في مناطق مختلفة من المملكة، وذلك لسد ولو جزء بسيط من الاحتياج المتزايد للمهندسين، حيث تشير إحصاءات الهيئة السعودية للمهندسين إلى أن الاحتياج السنوي للمهندسين في المملكة وصل إلى (5.900 مهندس) في عام 2005م ومن المتوقع أن يصل إلى (7.500 مهندس) في عام 2010م.
وتشير الإحصاءات أيضاً أن عدد الخريجين حالياً لا يتعدى (1.300 مهندس) سنوياً وسيصل إلى ضعف هذا العدد في 2010م.
كما تشير إحصاءات الهيئة السعودية للمهندسين إلى أن عدد المهندسين في المملكة وصل إلى (107.000 مهندس) في عام 2005م منهم (21.805) سعوديون (انظر الجدول رقم 1)، وسيصل إجمالي عدد المهندسين في عام 2010م إلى (137.000 مهندس)، أي أن الحاجة متزايدة إلى المهندسين بجميع التخصصات الهندسية، بل إن نسبة عدد المهندسين لكل مئة ألف من السكان في المملكة لا تزيد على (460 مهندساً) شاملاً غير السعوديين، وهي نسبة قليلة جداً مقارنة بالدول الأخرى (انظر الجدول رقم 2).
يلاحظ من الإحصاءات السابقة أن الهوة واسعة ولا يمكن تحقيق الاكتفاء من المهندسين ولو بعد عشرات السنين، وهذه الهوة تتسع باستمرار مادام أن البلد في تطور مستمر.
ويلاحظ أيضاً أنه لا توجد بطالة بين المهندسين في المملكة وجميع خريجي كليات الهندسة الحالية يجدون فرص العمل متاحة لهم بسهولة.
كما تشير إحصاءات الهيئة السعودية للمهندسين إلى أن نسبة الوظائف الحكومية للمهندسين لا تزيد على (5.5%) من مجموع وظائف المهندسين الحالية في المملكة، وهذا يعني أن القطاع الخاص سيكون هو المستقطب الأكبر للمهندسين الجدد.
الإحصاءات السابقة تعني أن الحاجة ماسة إلى زيادة أعداد المهندسين السعوديين. ووزارة التعليم العالي استشعرت هذه الحاجة الماسة جداً وقامت بافتتاح عدد من كليات الهندسة في السنوات الأخيرة في كل من القصيم، المدينة، الطائف، الجوف، حائل، الدمام، جازان والباحة وقريباً في كل من تبوك والخرج بالإضافة إلى الكليات القديمة الموجودة في كل من الرياض، جدة، الظهران، مكة، أبها. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه.. هل هذا التوسع في افتتاح كليات الهندسة سيكون على حساب جودة وكفاءة الخريج؟
إذا كانت الإجابة بنعم: هل سيكون هذا المهندس الجديد محل ترحيب من القطاع الخاص الذي يعتبر هو المستقطب الأكبر لهؤلاء المهندسين كما تشير الإحصاءات السابقة؟
إن تخريج أعداد كبيرة من المهندسين لا يملكون التأهيل المطلوب لسوق العمل سيخلف لدينا بطالة بين المهندسين، لأن القطاع الخاص ببساطة لن يقوم بتوظيف مهندس سعودي غير مؤهل وهو يجد مؤهلاً غير سعودي بأقل من نصف الراتب.
إن هذه الكليات الجديدة تواجه عدة تحديات إذا لم يتم التغلب عليها فإن ذلك سيكون على حساب جودة وكفاءة الخريج الذي هو الثمرة الأساسية لهذه الكليات.
ما هي هذه التحديات؟
أولاً: تحديات على مستوى القيادة
إن حكومة خادم الحرمين الشريفين لن تبخل على هذه الكليات الجديدة وستوفر لها كل ما تحتاجه من مبانٍ نموذجية ومعامل حديثة ووظائف وسنجد بعد خمس سنوات -إن شاء الله- كل كلية من هذه الكليات الجديدة في مبنى نموذجي مستقل ومجهز تجهيزاً كاملاً بالمعامل والمختبرات والورش التي تحتاجها، ولكن هذا لا يضمن جودة مخرجات أي من هذه الكليات ما لم يكن على هرم قيادتها أحد الكفاءات العلمية والقيادية من أعضاء هيئة التدريس السابقين في إحدى كليات الهندسة القديمة.
إن تعيين مثل هذه الكفاءات في عمادة أي كلية جديدة سيجنب الكلية الخوض في غمار كثير من التجارب الفاشلة والقرارات الخاطئة وسيستثمر خبراته العلمية والأكاديمية وعلاقاته في تطوير كليته الجديدة مما يعجل بنهوضها ووقوفها على رجليها.
لذا أرى أن يحرص كل الحرص على تعيين العمداء من أساتذة الهندسة ذوي الخبرة والكفاءة وتجنب تعيين حديثي التخرج أو غير أساتذة الهندسة.
ولكن يبدو أن استمالة أحد أعضاء هيئة التدريس القدماء في كليات الهندسة الحالية للعمل عميداً في أي كلية جديدة يعتبر أمراً في غاية الصعوبة، لأنه من الصعب أن ينتقل شخص من مدينة عاش فيها سنوات طويلة وفيها شب وترعرع أبناؤه وتكونت له فيها روابط اجتماعية وأسرية كثيرة وتطورت له فيها مصالح مالية وعلمية كثيرة من الصعب أن يوافق على الانتقال إلى مدينة أخرى أقل نمواً وتطوراً حتى ولو كانت مسقط رأسه وتعلم فيها تعليمه قبل الجامعي، فلن يوافق ما لم يكن هناك من المغريات والحوافز والبدلات ما يكفي.
فإذا كانت الحكومة ستنفق مئات الملايين لبناء وتجهيز هذه الكليات، فما المانع من أن يوضع من المكافآت والبدلات والحوافز ما يكفي لشراء هذه العقول من أجل إدارة هذه الكليات بالشكل الأمثل والنهوض بها خلال فترة وجيزة.
وأعتقد أنه يوجد في أنظمة الدولة المالية ما يسمح بذلك، فإذا كان كذلك فلماذا نبخل عليهم؟! فهم يستحقون أكثر من ذلك نظراً للخبرة التي يملكونها وللمصالح التي سيفقدونها والأعباء والمسؤوليات التي ستناط بهم.
ثانياً: تحديات على مستوى الهيئة التعليمية
إن استقطاب أعضاء هيئة التدريس المتميزين للعمل في هذه الكليات يعتبر أحد التحديات التي تواجه هذه الكليات في بدايتها، وذلك لأن هذه الكليات لا تتوافر فيها البيئة العلمية الأكاديمية والبحثية التي يطمح عضو هيئة التدريس المتميز إليها، أضف إلى ذلك أن الرواتب التي تقدم لهم ليست مغرية بما يكفي لاستقطاب الكفاءات المتميزة وأغلب الذين يقبلون بهذه الرواتب هم من مصر أو الهند، بينما باقي الجنسيات يصعب اجتذاب المتميزين منهم بهذه الرواتب، فعلى سبيل المثال الأتراك أصبحوا يرون أن العمل في المملكة غير مجدٍ بعد الانتعاش الاقتصادي لديهم في السنوات الأخيرة.
لذا أرى أنه من أجل ضمان جودة مخرجات هذه الكليات يفضل تطعيم كل قسم من أقسام هذه الكليات باثنين أو ثلاثة على الأقل من أعضاء هيئة التدريس المتميزين وألا يبخل عليهم بل يدفع لهم ما يغريهم بالعمل في هذه الكليات.
ثالثاً: تحديات تواجه عملية السعودة
إن سعودة أعضاء هيئة التدريس في هذه الكليات هو أمر أساسي ومطلب مُلح، لكن يبدو أن الوصول إلى مستوى سعودة مشابه لما وصلت إليه كليات الهندسة في الرياض وجدة والظهران ولو بعد خمسة عشر أو عشرين عاماً هو أمر مستحيل في ظل المعطيات والظروف الراهنة، وذلك لما نلحظه من عزوف خريجي كليات الهندسة عن العمل في الكليات على وظيفة معيد.
ولقد ذكر لي أحد عمداء كليات الهندسة أنهم في العام قبل الماضي قاموا بترشيح ثلاثة عشر خريجاً من المتفوقين للإعادة في الكلية ولم يوافق على ذلك إلا ثلاثة منهم فقط، لماذا؟!
إن سوق العمل يعتبر منافساً قوياً على استقطاب خريجي كليات الهندسة، وكما هو واضح من إحصاءات الهيئة السعودية للمهندسين أنه لا يوجد بطالة بين المهندسين وأن سوق العمل مستعد لاستقطاب جميع خريجي كليات الهندسة لسنوات طويلة ويقدم للمتفوقين منهم رواتب مغرية تصل أحياناً إلى ضعف ما يتقاضاه المعيد، وهذا يعني أن وظيفة معيد ومن ثمّ أستاذ في كلية الهندسة لم تعد هي الحلم الذي يطمح إليه كل متفوق.
وإنني أتساءل: ما الذي يجعل المتفوق يقبل بوظيفة معيد وهو يستطيع أن يحصل على راتب أستاذ الجامعة عند تسلمه لأول مربوط من القطاع الخاص مع كثير من الحوافز والبدلات؟ ما الذي يجعل المتفوق يقبل بالإعادة وهو يعلم المستقبل الذي ينتظره عندما يعود بالدكتوراه، وفي حينها يجد أن زميله (غير المتفوق) الذي عمل في القطاع الخاص منذ تخرجه قد وصل إلى أعلى الدرجات ويقبض ضعف ما يتقاضاه أستاذ الجامعة؟.. وهذا يعني أنه لا يقبل بالإعادة إلا شخص مرتاح مادياً، ولكن هذا المرتاح مادياً ربما لا يكون هو المناسب للإعادة.
ولكي نسرع من وتيرة عملية السعودة في هذه الكليات يجب استقطاب أكبر عدد ممكن من خريجي كليات الهندسة المتفوقين لإعدادهم للعمل كأساتذة في هذه الكليات مستقبلاً، وهذا لن يتم ما لم يتم تحسين أوضاع المعيدين قبل وأثناء الابتعاث وبعد العودة بالشهادة العليا والعمل في الجامعة، خصوصاً أن هناك منافساً قوياً جداً يسعى لاستقطاب المتفوقين بأي ثمن وهو القطاع الخاص.
إذا لم تتم معالجة هذه المشكلة عاجلاً فإننا سنواجه في المستقبل القريب شحاً شديداً في أساتذة الهندسة السعوديين، ليس فقط في الكليات الجديدة وإنما أيضاً في الكليات القديمة، وذلك لأن معظم أساتذة الهندسة الحاليين أو لنقل 70% منهم هم من فئة عمرية واحدة (50-60) عاماً، وسنجد أنه خلال خمسة عشر عاماً قد شغرت أماكنهم بسبب الوفاة أو التقاعد ولا يوجد العدد المكافئ لهم من الفئة الأصغر سناً وذلك نتيجة لتقليص الابتعاث في العقد الماضي، وهذه المشكلة تنسحب على جميع الكليات أيضاً.
في تقديري كانت تلك هي التحديات الأصعب التي تواجه هذه الكليات الناشئة. كما أن هناك أموراً أخرى أرى الأخذ بها من أجل ضمان جودة وكفاءة مخرجات كليات الهندسة الجديدة وهي:
1- تطوير الخطط والبرامج بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل
لكي نضمن جودة وكفاءة مخرجات كليات الهندسة الجديدة منها والقديمة يجب أن يتم تطوير الخطط والبرامج بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل. فاليوم لم تعد المهارات العلمية والتقنية أو ما يطلق عليها بالمهارات الصلبة (hard
skills) التي يتعلمها المهندس في الكلية
كافية لنجاحه في مهامه الوظيفية، بل إن هناك مهارات عدة يطلق عليها أحياناً المهارات اللينة (soft skills) يجب أن يتعلمها المهندس ويمارسها جنباً إلى جنب مع المهارات العلمية والتقنية. هذه المهارات اللينة أصبحت من المواصفات المطلوبة في المهندس الحديث وسوق العمل لدينا يشكو من فقد أو ضعف تلك المهارات لدى المهندس السعودي.
وقد قامت المنظمة الأمريكية للاعتماد الأكاديمي في الهندسة والتكنولوجيا (ABET) Accreditation Board
for Engineering and Technologies باعتبار هذه المهارات أحد المتطلبات
الأساسية للحصول على الاعتماد الأكاديمي، ووضعت لها مواصفات خاصة أقرتها عام 2000م وأعطتها الرمز EC
2000، هذه المهارات اللينة هي مهارات
العرض والاتصال، كتابة التقارير، نمذجة وحل المشكلات، القيادة، العمل ضمن فريق التعلم الذاتي، التفكير التحليلي ومهارات التفاوض.
لذا لكي نضمن جودة وكفاءة الخريج يجب إدخال هذه المهارات ضمن خطط وبرامج كليات الهندسة بطريقة تكفل إجادة الطالب لها بحيث تصبح هذه المهارات من العادات التي يمارسها الطالب تلقائياً.
ويمكن الاستفادة من خبرة كلية الهندسة في جامعة الملك عبدالعزيز فهي رائدة في هذا المجال، حيث قامت منذ أربع سنوات بإدخال هذه المهارات ضمن برامج الكلية.
2- يكون التدريس بالاعتماد على الكتاب الأكاديمي والمعتمد في كليات الهندسة المرموقة في العالم، ويمنع استخدام المذكرات وإعطاء الملخصات، وعلى الكلية أو الجامعة القيام بتوفير الكتاب الجامعي بسعر مناسب للطالب.
3- عند تأمين المعامل يبتعد عن الوصفات الجاهزة التي تقدم من قبل الموردين، بل يعتمد على أساتذة المقرر المختصين في وضع مواصفات المعامل بما يخدم أهداف المنهج ويحرص على اختيار المعامل التي تمكن الطالب من إجراء التجارب بنفسه ويبتعد عن تلك التي يكتفى فيها بالمشاهدة فقط.
4- يجب توفير العدد الكافي من الفنيين والمهندسين الذين يوكل إليهم مهام التدريس في المعامل وإعطاء حصص التمارين لكي لا تلجأ الكلية إلى تكليف أعضاء هيئة التدريس بهذه المهام، مما يشكل عبئاً إضافياً سينعكس سلباً على أداء عضو هيئة التدريس وبالتالي على الطالب والمقرر الذي لن يدرس بالشكل المطلوب.
5- وأخيراً لابد من اتباع نظام معين لمراقبة الجودة سواء جودة التدريس أو جودة الاختبارات.

* وكيل كلية الهندسة للشئون التعليمية -
جامعة القصيم

amarshoud@Gmail.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved