| |
أهالي البدائع يودعون واحدة من خيرة نسائهم صالح بن عبدالله العريني/البدائع
|
|
في يوم الجمعة توفيت والدة الجميع في البدائع رقية عبدالمحسن السلامة رحمها الله وأسكنها فسيح جناته بعد عمر حافل بأفعال الخير والطاعات في يوم اعتبره أهالي البدائع حزينا وهم يفقدون تلك المرأة نادرة الشبه ببساطتها وانبساط يدها حتى في أيام الفاقة والعوز، فقد كانت رحمها الله تحب فعل الخير أكثر من حبها لأبنائها، فهي بدأت حياتها أيام الجوع والفقر فترة ما قبل النفط وعاصرت أيام الخير والطفرة لكنها لم تتغير ولم تتبدل قناعاتها بأن للضعيف حقا لدى القادرين، فلم تكن تنتظر أي ضعيف ليقع في ذل المسألة بل هي تبادر حسب استطاعتها، مع أنها رحمها الله لم تكن غنية ولا من أهل المال لكنها تعتبر الكفاف غني، وحتى الكفاف برأيها ملزم لتقديم العون لمن يحتاج. وأذكر حين كان الجهاد في أفغانستان أيام الغزو السوفييتي تحول منزلها لأكبر مستودع للتبرعات العينية كالملابس والتمر والسمن وكان شغلها الشاغل من طلوع الشمس حتى غيابها هو الفرز والتنقية للتمور والسمن وغسيل الملابس وكيها، كنت أراها بقمة النشوة والمتعة لا تكل ولا تمل وكل همها هو أن تجهز أكبر كمية للشحن. هذا اليوم، توفيت أم إبراهيم مبتسمة كما كانت طوال عمرها مبتسمة، فلم يكن إيمانها يهتز لأحداث القضاء والقدر مهما اشتدت حتى وهي تفقد من أبنائها الذكور ستة واحداً تلو الآخر ومع ذلك لم تغب البسمة عن وجهها، وحتى وهي في مرض الموت حين يسألها زائر عن حالها تبتسم وتسأله هي عن حاله وحال أولاده، والمؤكد أن تلك الطمأنينة والراحة التي كانت تميز أم إبراهيم رحمها الله راجعة لأنها طوال قرن مضى وهو عمرها لم يذكر أنها غضبت أو حقدت على أحد. كان قلبها مليئا بالحب والتضحية والإيثار، وهذا ما يفسر تلك النعمة الإلهية التي ظهرت بشاشة على وجهها طوال عمرها وبعد موتها. فرحمك الله يا أمي وقدوتي وأحسن الله عزاء الجميع بهذا المصاب وأولهم ابنها البار الخال اللواء إبراهيم الصغير ووالدتي والخالات الفاضلات وأحفادها الصغار والكبار.
|
|
|
| |
|