رأي القارئ
لماذا شعر المحاورة دون المستوى؟

شعر المحاورة شعر قديم أزلي كان شعاره وجمهوره في ذلك الوقت من خيرة الناس، كان الشعراء في شعرهم لا يتجاوزون الخطوط الحمراء فكان شعرهم يتسم بالحكمة والمديح المنضبط أي أنهم لا يقولون إلا الحق في من يقابلهم من الشعراء، وكان الجمهور جمهوراً واعياً لا يرضى بأن يتجاوز الشعر الحدود المعقولة في القول والفعل.
ومع كثرة الشعراء وجمهور شعر (المحاورة) وكثرة القنوات الفضائية التي ترعى وتمول وتبرز الشعراء بل وتبحث عنهم في جميع المحافل حتى التي تقام أمسياتها في ربوع الصمان والدهناء لا تميز بين الغث والسمين.. كثير من شعراء المحاورة ابتعدوا عن الوقوف في ساحة المحاورة وهم معروفون وكثيرون، وأرجعوا سبب ذلك إلى أن ساحة شعر (المحاورة) لم تعد كسابقتها؛ فشعراء اليوم لا يحترمون من يقف أمامهم ولا يتورعون في التلفظ بما خطر على بالهم بأي الألفاظ التي تجرح وتستنقص هؤلاء الفطاحلة القدامى من الشعراء، وترك هؤلاء الفطاحلة الساحة لكل من هب ودب من الذين أصبحوا يتراشقون بألفاظ نابية يستحي المرء أن يسمعها أو يتحدث بها، وهؤلاء الشعراء يقف من ورائهم أيضاً جمهور لا يريد أن تخرج المحاورة عن حدود فهمهم القاصر وهم في ذلك في صياح وتصفيق فرحين مستبشرين بمن يأتي من بعدهم من الشعراء واقفين حتى تخرج خيوط الشمس.
هناك أمور كثيرة حصلت نتيجة شعر (المحاورة) فهناك شتم وسهر وضياع للمستقبل، فجمهور شعر المحاورة من الجمهور المتدني علمياً والأغلبية من هؤلاء الجمهور لا يحمل سوى الشهادة الابتدائية هذا إذا لم يكن أميّاً. والكثير منهم يربي أبناءه على شعر المحاورة ويحضرهم للمحافل. هناك شعراء للمحاورة منضبطون وجمهور منضبط أيضاً وهؤلاء تجدهم في الحفلات الكبيرة التي يقوم عليها أناس ثقات وتكون في محافل كبيرة كالتي أقيمت مؤخراً في المنطقة الجنوبية وحضرها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة عسير، فهؤلاء يتسم شعرهم بالعقلانية واحترام الآخر لأنهم ملتزمون بانضباطية من الحضور ومنظمي الحفل.
إذاً فالواجب هنا أن يكون هناك لجنة لشعراء المحاورة وأن يكون هناك مراقبة على مكاتب الشعراء التي تقوم بالتنسيق مع الشعراء بأن تكون هذه المكاتب تحت سلطة لجنة معنية بذلك تقوم بحصر الشعراء المعروفين وحصر الأماكن التي يقام فيها الحفل ويعمم على هؤلاء الشعراء بأن يبتعدوا كل البعد عن الإساءة للآخر أو التطرق لأمور قديمة أو عنصرية جاهلية ومن لا يلتزم بذلك يوقف عن الشعر ويؤخذ عليه تعهد بعدم تكرار ذلك وأن يكون هناك وقت محدد للشعراء يبدأ من وقت وينتهي بوقت مثل أن يبدأ الساعة التاسعة ليلاً وينتهي الساعة الثانية ليلاً..
أتمنى أن تُستحدث مؤسسة تُعنى بالشعر عامة وبشعر (المحاورة) خاصة.. خصوصاً في الفترة الأخيرة التي أصبحت بعض القنوات الفضائية المعروفة والمستحدثة حديثاً هي الراعي الرسمي لهؤلاء الشعراء المبتدئين وأصبحت تروج لهم دون النظر في ما يقوله هؤلاء الشعراء من سب وشتم وأمور كثيرة بعيدة كل البعد عن الشعر وعن احترام ذوق المستمع أو المشاهد.
في اعتقادي الشخصي أنه إذا لم يتم النظر لهذا الأمر فسوف يحدث في المستقبل القريب أمور لا تحمد عقباها سواء من الشعراء أو من الجمهور.