| |
لما هو آتً د. خيرية إبراهيم السقاف
|
|
في الإنسان ألسنةٌ عديدة...! قالت شعرتُ بالعطش فطلبت من زميلتي أن تناولني كأساً من الماء، وفجأة تذكرت أنني صائمة.... مثل هذا الموقف له أن يبعث كثيراً من الأفكار لرأسي... فالعطش له صوت نداء كما هو صوت نداء الجوع... والإنسان لا يمكن أن يحيا دون ماء وزاد، والدليل على هذا أنه حين لا يرتوي يعطش ومن ثم يصاب بالجفاف والجفاف يؤدي إلى أمراض كثيرة من أشدها إيذاءً تأثر القدرة على التفكير والحركة... كما إنه حين لا يتغذى يفقد خصائص اللياقة الصحية فينحل ويصاب بفقر الدم وما إليه من فقد لعناصر الحياة فيه.... لكن العطش هنا رسالة مادية ذات صوت نابع من الجسد... كما هي حرقة الجوع تصيب المعدة.... في الصوم حتى الجسد يتحدث... إذ له صوت ولغة.. بمثل ما هو صوت الحس والضمير والقلب والعقل... لغات في الإنسان لا يسمع أصواتها بألسنة عديدة إلا من تيقظت مداركه ومسامعه كلها.. إذ ليست الأذن فقط ما يسمع في الإنسان وتتيقظ جميعها فيه عند الصوم حين يكون الصوم ناقوسا يدق... وفيما عداه فالألسن في الإنسان صامتة مستسلمة للاستجابات الفورية لإرضاء بشرية الإنسان فيه... لذلك تتعطل لغة الجسد في الأيام التي لا يصوم فيها.. فلا المعدة تنطق جوعا ولا اللسان عطشاً ولا الغرائز تنطق بألسنتها؛ لأن الإنسان مشغول حينها باستجابات فورية بل وقائية قبل أن تصل هذه الألسنة إلى الحد المحرض لارتفاع أصواتها.. الإنسان يشرب الماء والسوائل الأخرى عطشا كان أو لا... ويأكل ما شاءت له الموائد والأطباق جائعا كان أو لا.. ويمارس سد شهواته بشكل تلقائي وفوري... في رمضان هناك كوابح لجموح هذه الدَّاعيات فيه لذلك هو فيه يعطش ويجوع ويشتهي ويريد... فرصة لأن يعيد التفكير في كيفية استجاباته لهذه الأصوات فيه في غير رمضان... حكمة إلهية.. في درس رمضان مدرسة الصبر والتفكر.
|
|
|
| |
|