| |
حسن والغول
|
|
قصة تغريد النجّار كان يعيش في قديم الزمان حيوان غريب مخيف، اسمه الغول، يُغطي جسده شعر كثيف، له عين واحدة في منتصف جبينه، ومخالب طويلة مدببة، وأسنان كبيرة. وكان الغول يسكن جبلاً عالياً أخضر، اسمه جبل الجبال، يُشرف على قرية صغيرة، كان أهل القرية يخافون من تسلق الجبل لئلا يأكلهم الغول، ويتجنبون الضحك بصوت عال، حتى لا يسمعهم الغول. ويمشون على أطراف أصابعهم لئلا يزعجوا الغول. وكانوا يخيفون أولادهم بالغول، فيقولون لهم إذا لم تدرسوا أو تأكلوا طعامكم أو تسمعوا كلامنا فسيأتي الغول ويأخذكم، فيخاف الأولاد ويستجيبوا. حسن صبي من القرية سئم من الخوف، فهو يريد أن يضحك بأعلى صوته ويذهب أينما يريد، ويتسلق جبل الجبال، ويرى قريته والأفق البعيد. سأل حسن أمه: (هل رأيتِ الغول يا أمي؟) أجابته أمه: (لا لم أره، ولكنه مخيف، شعره كثيف، ومخالبه طويلة، وله عين واحدة في منتصف جبينه). سأل حسن والده: (هل سمعت الغول يا أبي؟) تنحنح والده وقال: (لا لم أسمعه، ولكن صوته مخيف مرعب كزئير الأسد وعواء الكلب مجتمعين). صرخ حسن قائلاً: (إن أحداً منكم لم ير الغول أو يسمع صوته أو يشم رائحته، ولكنكم متأكدون أنه موجود وتخافون منه. أنا لن أخاف من هذا الذي تسمونه الغول بعد اليوم، سألعب وأصرخ وأضحك وأتسلق جبل الجبال أيضاً). قال الجميع: (لا يا حسن، الغول سيأكلك ويأكلنا جميعاً. لا تغضب الغول). ولكن حسن لم يستمع لأهل القرية، وأخذ يصرخ بأعلى صوته: (يا غول! يا غول! أنا حسن. أنا لا أخاف منك، تعال كلني إن كنت بطلاً). ركض أهل القرية كلُّ إلى بيته مذعورين، وصاروا ينظرون من وراء الشبابيك والأبواب، ليروا ما سيحدث، سكت الجميع وانتظروا حتى العصافير والحيوانات سكتت ولكن شيئا لم يحصل. ضحك حسن وقال لأهل القرية: (هل رأيتم كيف أن الغول غير موجود. وحتى أبرهن لكم على هذا سأتسلق الجبل وأرى بنفسي). بكت أم حسن، وحاول أبو حسن إقناعه بعدم الذهاب، ولكن بدون جدوى حمل حسن زاده وتسلق الجبل وأهل القرية ينظرون إليه مشدوهين. كان الجبل عالياً ووعراً. وفي آخر النهار وصل حسن إلى القمة، ووقف يتأمل المنظر الجميل فرأى قريته صغيرة صغيرة، رأى الدنيا واسعة كبيرة والأفق بعيدا. رفع يديه ملوحا لقريته وهو يضحك، وفجأة.. سمع صوتا وراءه، صوت أقدام كبيرة، فاستدار بسرعة. وإذا به يرى الغول وكان الغول كما وصفته أهل القرية، شكله مخيف، شعره كثيف، مخالبه طويلة مدببة، وله عين واحدة في منتصف جبينه. تجمد حسن من الخوف، وتمنى لو أنه لم يترك قريته أبداً، تمنى لو أنه صدق أهل القرية. أما الغول فاقترب من حسن، واقترب أكثر، ثم دار حوله ووقف قليلاً، وبعدها سد أنفه بمخالبه، وهرب وهو يزأر. تعجب حسن من تصرف الغول، فلحق به ووجده مختبئاً في مغارة، صاح الغول: (اذهب من هنا يا صبي، أنا لم أُؤذك بشيء). قال حسن: (أنت الغول، والكل يخاف منك). أخرج الغول رأسه من المغارة وقال: (شيء عجيب، الناس يخافون مني وأنا أخاف من الناس).. ضحك حسن طويلاً وقال: (لماذا تخاف الناس وانت الغول؟) ارتعد الغول من الخوف وقال: (شكل الناس مخيف، لهم عينان بدلاً من عين واحدة، شعرهم غير كثيف مثل شعري، صوتهم غريب، ورائحتهم كريهة، واهم من ذلك ان طعامهم المفضل هو الغيلان). تذكر حسن أهل قريته فسأل: (وما هو طعام الغيلان المفضل). قال الغول: (نحن نأكل الأعشاب والحشرات). فرح حسن لسماعه هذا الخبر وقال: (ونحن الناس لا نأكل الغيلان أيضاً). أخرج الغول رأسه من المغارة، ونظر طويلاً إلى حسن، ثم قال: (الحقيقة ان شكلك غريب، غير انك لطيف). ضحك حسن وقهقه الغول ثم ركضا يلعبان.
|
|
|
| |
|