| |
خطط طموحة لمكافحة مرض السكر د. حمد بن عبد الله المانع
|
|
إن الأمراض المزمنة من سكري وضغط وسمنة وارتفاع الدهون في الدم والأمراض النفسية تشكِّل عبئاً كبيراً على المجتمع ككل اقتصادياً وصحياً واجتماعياً، حيث يشهد العالم ارتفاعاً مطرداً في التكاليف الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة التي تتحمّلها الدولة لتوفير سبل ووسائل العلاج والوقاية والتأهيل بالإضافة إلى الآثار الناجمة عن فقدان الإنتاجية نتيجة الغياب عن العمل وانخفاض القدرة أو فقدان العائل والآثار النفسية والاجتماعية. فقد أثبتت دراسة صحة الأسرة السعودية التي نفذت عام 1417هـ أن 19% من الرجال و25% من النساء يعانون من مرض أو إعاقة مزمنة تم تشخيصها من قِبل الطبيب المعالج خاصة بالإصابة بمرض السكر وبيّنت الإحصائية تزايد احتمالات الإصابة مع تقدّم العمر للرجال والنساء على حد سواء. وبيَّنت الدراسة التي أجراها مستشفى الملك خالد الجامعي أن نسبة المصابين بمرض السكري في المملكة وصلت إلى 24% من عدد السكان فوق الثلاثين عاماً وأن تكاليف علاج مرض السكري ومضاعفاته السنوية تتجاوز 4 مليارات ريال. إن حكومة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - ممثلةً في وزارة الصحة والقطاعات الصحية الأخرى قد تنبّهت إلى مخاطر مرض السكر والآثار السلبية المترتبة عليه فقامت بإصدار المناهج وأدلة العمل التي تساعد الفريق الصحي على التشخيص والاكتشاف المبكر للحالات مع توحيد التدابير الوقائية والعلاجية وتطبيقها في الوقت المناسب، بالإضافة إلى الاهتمام بجوانب التوعية والتثقيف الصحي للمريض وذويه والمجتمع ككل وكذلك تكثيف التدريب للأطباء وهيئة التمريض. كما أن خطط التنمية الخمسية المتعاقبة تعكس هذا التوجه وتحث على وضع برامج وطنية لمكافحة مرض السكر كأحد الأمراض الخطيرة كالقلب والكلى والسرطان وارتفاع ضغط الدم والاكتشاف المبكر لهذه الأمراض وكذلك تحويل العيادات العامة الخارجية إلى عيادات تخصصية، كما تم إنشاء إدارة للأمراض غير المعدية بديوان الوزارة لتتولى التعامل مع هذه الأمراض على أسس علمية سليمة وطبقاً لأحدث الإستراتيجيات الصحية المعتمدة عالمياً وحسب توصيات منظمة الصحة المعتمدة علمياً وحسب توصيات منظمة الصحة العالمية وتتناول كافة الجوانب الوقائية والتثقيفية والعلاجية والتأهيلية ويتم تقييمها حالياً بانتظام. وقد اتجهت وزارة الصحة إلى إنشاء عيادات مصغرة في المراكز الصحية لاستقبال هذه الحالات وعلاجها ومتابعتها وتقويمها وتحسين نظام الإحالة والرعاية المشتركة مع أطباء المستشفيات، حيث تم وضع معايير لإنشاء مثل هذه العيادات المتخصصة وأسلوب العمل فيها والأنظمة الخاصة بها ضمن الأنشطة المتعددة للمراكز الصحية. وبالفعل طرحت الوزارة (20) مركزاً جديداً للسكري جار تنفيذها حالياً بمختلف مناطق المملكة والتي في حال اكتمال العمل فيها ستشكّل إضافة لجهود المرافق الصحية المعنية بتقديم الخدمات الصحية والعلاجية لمرضى السكري بالمملكة ضمن مشروعها لتطوير وترقية مراكز السكري بالمملكة ولضمان تقديمها للخدمات العلاجية والتوعوية اللازمة، وخصوصاً أن السكري يعتبر من الأمراض المزمنة التي تستوجب العلاج والمتابعة المستمرة. وكما يعلم الجميع فإن مرض السكري ينتشر بصورة متزايدة لدى الأطفال وذلك لعدة أسباب منها العامل الوراثي والنمط الغذائي والثقافة الغذائية الأسرية، ويحتاج سكري الأطفال إلى جملة من الاحتياطات التي تمكّن الأهل من إحكام المراقبة وتنظيم الحياة اليومية للطفل المصاب بالسكري بالشكل الذي يشعره بأنه لا يختلف في شيء عن أبناء جيله، وأن عليه التأقلم مع هذا المرض وتقوية عزيمته للتعايش معه. كذلك تراوحت نسبة الإصابة باعتلال الشبكية بين 31.4% في المملكة، كما أن السكري كان المسبّب للماء الأبيض في 62% من الحالات، علماً بأن اعتلال الشبكية هو المسبّب للعمى في المملكة العربية السعودية وتقدّر دراسة إحصائية توقعية تمت بالتعاون مع مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون أن عدد حالات العمى القانوني في المملكة بـ400 حالة سنوياً. من هنا نناشد أئمة المساجد والقائمين على الجمعيات والمؤسسات الخيرية والمدارس والجامعات وكافة القطاعات الحكومية والخاصة للقيام بدورهم في مجال التوعية الصحية، وذلك انطلاقاً من المسؤولية الاجتماعية التي تقع على الجميع نحو توعية أفراد المجتمع كما نحث جميع الجهات الطبية للوقوف ضد هذا المرض الذي ينعكس سلباً على المجتمع في الجانب الاقتصادي والجانب الصحي بالإضافة إلى تكثيف ورش العمل لجميع الأمراض المزمنة وعدم اقتصارها على مرض محدّد.
|
|
|
| |
|