| |
يارا قناة جدة الفضائية عبدالله بن بخيت
|
|
ناقشني أحد الأصدقاء عن عزم أحد رجال الأعمال على إنشاء قناة فضائية تنطلق من جازان تكون صوتاً إعلامياً لأهلها. سعدت بمشروع كهذا عندما تذكّرت أنّ جازان واجهت مشاكل كثيرة وإهمالاً إعلامياً لا حدّ له جعل صورتها في أذهان أبناء المناطق الأخرى ضبابية وسلبية في بعض الأحيان. وجازان كموقع وحجم وطاقات بشرية وسياحية تحتاج إلى عمل إعلامي استراتيجي يعيد تشكيل صورتها من جديد، وبهذه المناسبة أتذكَّر أني عملت مع أحد الزملاء على كتابة مسلسل تلفزيوني تكون جازان خلفية له وقد باركه الأمير محمد بن ناصر أمير جازان وخاطب القناة الأولى رسمياً قبل أكثر من سنة لتعميد إنتاجه ولكن لم يحصل نصيب، ربما بسبب ضخامة ميزانية أبو شلاخ. كان رأيي أنّ قناة متخصصة في جازان لن يشاهدها سوى أهل جازان، وبذلك تفقد أهم عنصر من عناصرها، وهو نقل صورة جازان الصادقة إلى بقية مواطني المملكة. واقترحت عليه أن ينشئ قناة فضائية شاملة تخدم جازان وبقية المناطق التي واجهت الإهمال بطريقة غير مباشرة على أن تكون موجّهة للشعب السعودي كافة. أثناء تقليبي للريموت كنترول شاهدت قناة باسم جدة. فوجئت بمشروع كهذا. ولكن ليس غريباً أن تنطلق فضائيات بعناوين وأسباب مختلفة وأظن أنّه سيأتي اليوم لنرى قنوات فضائية للحارات وللعائلات وربما للأفراد، كما يحدث الآن مع الإصدارات الصحفية. أياً كان الهدف من إنشاء قناة باسم جدة أو للتعبير عن جدة ستواجه كثيراً من المشاكل يجب العمل على تفاديها قبل أن تصبح حقيقة قائمة. جدة غير جازان فهي ثاني أكبر وأهم مدينة سعودية وقد حظيت بتنمية مركزية. صحيح شابها كثير من النقص ولكنه نقص ناشئ عن سوء إدارة، وربما فساد وليس بسبب الإهمال كما حدث مع جيزان ونجران ومناطق الأطراف الأخرى. حاجة جدة لقناة فضائية تختلف عن حاجة جازان لقناة فضائية. تتمتع جدة بالعديد من الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، وتنطوي على حراك ثقافي كبير، مما يجعلها في حاجة إلى منابر إعلامية كثيرة من بينها قناة إعلامية. قبل سنوات بعيدة عندما كنا أطفالاً، كان هناك دوري في كرة القدم للمناطق الثلاث الغربية الوسطى والشرقية. كلُّ منطقة تكوِّن فريقاً منتخباً من عناصر الفرق المختلفة. طبعاً بصفتنا من الوسطى كنا نشجع فريقنا كما نشجع فريقنا في الحارة كما نشجع فريقنا الوطني عندما يلعب مع فرق أجنبية. مع الوقت بدأ أحساس الإقليمية بالنمو. تحوّلت الكورة إلى نوع من الوطنية فامتدت المنافسة من الكورة إلى أمور أخرى. لم نفهم حينها سبب إلغاء ذلك الدوري الحماسي وتعويضه بدروي يدمج مناطق المملكة في منافسة واحدة على مستوى الفرق فقط، إلاّ بعد أن نضجنا وأصبحنا ندرك حقائق الأمور. فالوحدة الوطنية لا تأتي اعتباطاً أو بداهة مهما كان الشعب متوحداً من النواحي الاستراتيجية، فالمطوحات المنحرفة تلعب دوراً في شق الصف. وهذا يقودنا إلى التفكير ملياً قبل إنشاء الوسائل الإعلامية الممثلة للمناطق لتحديد أهدافها بدقة، واختبار كلِّ هدف على حدة، لنتأكد أنّه لا يتعارض مع الوحدة الوطنية الشاملة، بل يجب أن يكون جزءاً من عناصرها. قد تبدأ قناة كهذه بأهداف اقتصادية وبحسن نية. ربما تحقق أرباحاً تغري أبناء المناطق الأخرى إلى إنشاء قنوات فضائية على غرارها، فنشاهد قناة باسم الرياض ثم قناة باسم الدمام والخبر ثم قناة باسم بريدة، فتتنافس هذه القنوات على جذب مشاهديها بالإغراق في المحلية، إلى أن تنمو قضايا مستقلة وهموم متباعدة. فأنا بصفتي من أبناء الرياض أفقد اهتمامي بما يحدث في الدمام، وأنا بصفتي من أبناء الدمام لا أهتم ما يحدث في جدة، وهكذا يتباعد أبناء الوطن الواحد. ونحن نعلم أنّ أعظم إنجاز تم في تاريخ المنطقة في القرون العشرة الماضية هو توحيد المملكة العربية السعودية. أرى خلل الرماد وميض نار ويوشك أن يكون ضرام
yara4u2@hotmail.com |
|
|
| |
|