| |
لماذا العجلة يا ابن فويز؟! يوسف بن محمد العتيق (*)
|
|
في تراثنا الغابر - ومثله عصرنا الحاضر - نجد أن بعض الشعراء له قصائد كثيرة متعددة الأغراض والأهداف إلا أن الكتب والدراسات والتراجم تركز على إحدى قصائده، فيتوهم الناس أن ليس له إلا قصيدة واحدة مع أنه متعدد النتائج والتاريخ الأدبي العربي حافل بمثل، فعلى سبيل المثال، كثير من الناس لا يعرف الشاعر المشهور أبا البقاء الرندي بغير قصيدته الشهيرة في رثاء الأندلس، وهذا أمر معروف عند كل باحث في تاريخ الشعر والشعراء، وقد يكون سبب ذلك من الشاعر نفسه أو من متلقي هذه القصائد من عموم الناس، حيث يكون تركيزهم على قصيدة واحدة لشاعر أو أكثر بحسب ملامسة هذه القصيدة لاحتياجاتهم أو تحسس لمعاناتهم. أقول هذا الكلام، وفي ذهني وبين عيني قصيدة رائعة سارت مسير الشمس في رائعة النهار للشاعر الفكاهي خفيف الظل فالح بن فويز الشيباني، وهي قصيدة الأسهم التي حققت حضوراً كبيراً على مستويات كبيرة حتى من هم خارج الوسط الشعري أو متذوقيه، لن أدخل في التفاصيل الفتية لهذه القصيدة لكني سأقف عند أكثر من منحى تبدو للمتأمل في قصائد الشيباني، ومنها: التمكن في إدخال المفردة الشعبية في القصيدة وكثيرة الاستعمال مع المحافظة على جماليات القصيدة، فتجد أنك في قصائد الشيباني تجد كلمات مغرقة في العامة، لكنك موظفة توظيفاً مناسباً لا ينزل من قيمة القصيدة بل يزيدها جمالاً، فكلمات مثل (يشطخ، يمطخ، يقشط) وغيرها، وجانب آخر استطاع ابن فويز يبدع فيه في شعره، وهو التكرار لكلمة واحدة ولأكثر من مرة وفي شطر واحد وأحياناً صدر وجزء من عجز البيت ومع ذلك يكون التوظيف مناسباً، وفي ظني أن هذا مسلك خطر يعرفه الشعراء والنقاد، ومع ذلك تجاوز ابن فويز كل ذلك إلى بر الأمان وأمتع متذوقي الشعر.. فمثلاً في قصيدته في الأسهم تكررت لفظة (عجل) أربع مرات متتالية في سبيل الحث على اغتنام الفرصة في سوق الأسهم، وكانت جميلة موفقة، لكن أشهر وأروع تكرار رأيته للشيباني في قصيدة أخرى، وهو تكرار كلمة (تكفى) ستة مرات متتالية في صدر البيت كاملاً، ومرتين في عجزه بطريقة لطيفة وظريفة. لن أطيل في الحديث عن الشيباني ومنهجه في الشعر لكن الذي أجزم به أن ثرى وطننا الطاهر منجب للمبدعين في هذه الفنون الأدبية التي تجدد الدماء في العروق، وتنشط الحركة الأدبية في الوطن، ويبقى شيء واحد يحز في النفس، وهو أن الكثير من الشعراء الذين يمثلون صوت الوطن والمواطن هو بأمس الحاجة إلى رعاية وعناية، ومنابر تبرزهم بشكل حيادي يخدم جميع الشعراء لكونهم شعراء بغض النظر عن أي جانب آخر، وهذا ما سنراه قريباً بإذن الله، خاصة إذا علمنا أن كثيراً من جيل الشعراء الشباب المتميزين ليس لهم إطلالة مستمرة على المجتمع لينثروا قصائدهم وما لديهم.
* للتواصل: فاكس 2092858
tyty88@gawab.com |
|
|
| |
|