| |
صور من الصحراء ينام من هو ما يعرف الهمومي
|
*قراءة في قصيدة - مشعل الجبوري:
قصائد الأمير الشاعر محمد الأحمد السديري - رحمه الله - قصائد رائعة، وتؤخذ منها الحكمة وبعد النظر، وهذه قراءة في إحدى تلك الروائع، إذ يقول أبو زيد في بداية قصيدته: إن قليل الهموم هو كثير النوم، وإن عيونه تحارب النوم في أوقات نوم الدالهين اللاهين. ومن يلومني الله يلومه حيث إنه لم يجرب السهر والهم. وهو لا يبدي سره إلى قومه وما بداخل القلب ليس مفهوماً لأحد وأني أخشى من إظهار ذلك السر، فأتعرض إلى اللوم والشماتة وإني معاهد قلبي على ألا أبوح بمعاناته ولا يعلم عنها كل لئيم كما يقول: إني أرقب النجوم في الليل، أما في الصباح فأرقب المراقيب العالية، وإني أعاني مما يماثل مر السموم بداخل القلب ولم يصفُ لي هذا الدهر، ولو يوماً واحداً ثم يوجه كلامه إلى صديقه (سيف) ويدعو لوالده بالرحمة، ويطلب أن يقوم بشبة النار وإحضار الدلال لعمل القهوة وترك النوم، كما يقول أيضاً: إن الأرواح بيد الله ولا بد من الموت ولو طال الزمن، وإني أفرح في حالة سماعي عن تراكم الغيوم وحلول الموسم والمطر، خصوصاً على شعيب الباطن، إذ إنه مرتع خصب لكل ناقة وضحاء دللت بطوق وبرشم، ويطلب نزول الغيث والمطر لذلك الوادي يوماً بعد آخر حيث إن عشبه في وقت الربيع يغطي (الحزوم) وفيه الزهر والزملوق منظوم ومتخالف والعشب (كيهوم) أي كثير (وأم سالم) وهي من أنواع الطيور المغردة في الربيع كثيرة الطرب وتقوم بالاستعراض في ريشها في كل (رجم) ومرتفع، وتمضي وقتها في زغاريد وفرح، خصوصاً عندما ترى (النور) في تزايد، فلا تسأل عن الدنيا ولا تهتم بها وبحال من أعطي منها أو حرم وإلى القصيدة كاملة:
ينام من هو ما يعرف الهمومي |
وعيني اليا ناموا حريب لها النوم |
الله يلوم اللي لحالي يلومي |
لا ساهر سهري ولاهوب مهموم |
هم يلوج بداخل الصدر مكتوم |
واللي بسر الغيب ماهوب مفهوم |
آخاف ابوح السر تبدا الثلومي |
وتاقف على مكنون سري هل اللوم |
عاهدت قلبي ما يبوح العلومي |
بالليل اساهر ساريات النجومي |
والصبح اعدي بالنبا كل مزموم |
أوجس بقلبي مثل حر السمومي |
ولا صفالي خاين الدهر لو يوم |
ولعل ابوك بساعة الحشر مرحوم |
وهات الدلال واترك النوم لرخوم |
قم سوما يبعد عنا كل شغموم |
مبهر من بين الأجواد مقسوم |
أرواحنا بفلاك الأيام تومي |
ولو يطول العمر فالأجل محتوم |
روحي بيد فارض صلاتي وصومي |
اللي بحبل اليسر ينجي لمضيوم |
الواحد اللي نطلبه كل يومي |
منجي ليوسف عقب ماهوب مظلوم |
دنيا الشقا يا سيف ما هي تدومي |
وافرح اللي قالوا تقافت غيومي |
على شفا الباطن وهو قبل ماسوم |
اللي بها زود على الطوق برشوم |
يمطر عليها الوبل يوم بعد يوم |
فيه الزهر فوق الزماليق منضوم |
والعشب من وبل المراهيش كيهوم |
فيه أم سالم من طربها تعومي |
تلفح بسمح الريش في كل مرجوم |
من الطرب في كل روضٍ تحومي |
وتقضي الدنيا زغاريت وسجوم |
ان شافت النوّار نبته يزومي |
ما سايلت عن حال معطا ومحروم |
|
|
|
| |
|