| |
الطفل والمطر قصة: زكريا تامر
|
|
كان أحمد طفلاً يحب الشمس والعصافير، ويحب الغيوم والأشجار، فالشمس تضيء الأرض، والعصافير تطير وتغرد، والغيوم تمنح المطر، والأشجار أطفال من خشب يملكون رؤوساً خضراء، جميلة. وجاء الشتاء وغيومه السوداء المثقلة بالمطر. قالت الأرض للغيوم: (ترابي عطشان ومحتاج لمطرك أشد الحاجة). قالت شجرة الورد: (لن ينمو وردي ويتفتح إذا لم أشرب كثيراً من مطرك). وقال العصفور: (سيغسل مطرك ريشي ويجعلني مرحاً أغرد أجمل الأغنيات). قالت الأشجار العارية الأغصان: (مطرك وحده سيعيد إليَّ أوراقي الخضراء). قال الفقراء: (سنجوع إذا لم يهطل مطرك). وقال أحمد للغيوم بصوت آمر: (فليهطل مطرك فوق حفل أبي فقط). لَمْ تُلَبِّ الغيوم طلب أحمد، وهطل مطرها فوق الحقول كافة، فعم الفرح: فرح التراب. فرح الورد. فرحت الأشجار. فرح العصفور. فرح الفقراء. ولكن أحمد لم يفرح! هرع أحمد إلى أمه ساخطاً وقال لها: (كنت دائماً أحب الغيوم، ولكنني منذ اليوم سأمتنع عن حب الغيوم ومطرها). دهشت الأم، وسألته عن السبب، فأجابها: (طلبت من الغيوم ألا يهطل مطرها إلا فوق حقلنا فلم تنفذ طلبي). قالت الأم بلهجة مستنكرة مؤنبة وناصحة: (أنت مخطئ يا أحمد فالمطر ليس ملكاً لإنسان واحد، أو حقل واحد، ويجب أن يهطل فوق الحقول كلها ويهب خيراته للجميع). قال أحمد بإصرار وغضب: (لن أحب الغيوم والمطر، وأتمنى أن ترحل الغيوم.. أتمنى ألا يهطل المطر أبداً). بعد أيام قليلة هبت ريح قوية، وأرغمت الغيوم على الرحيل بعيداً فحزن التراب وعاد إليه عطشه، وحزنت الأشجار، وحزن الورد، وحزن العصفور وكف عن التغريد والتواثب من شجرة إلى شجرة، وحزن الفقراء، وبات كل ما يؤكل مفقوداً غالي الثمن. فعم الجوع بين الفقراء، وكان أهل أحمد من الناس الفقراء. وجاع أحمد يوماً، فقال لأمه: (أنا جائع). قالت الأم: (نحن فقراء، وما يؤكل أصبح لا يستطيع شراءه إلا الأغنياء). قال أحمد بحزن: (ماذا سأفعل)؟! قالت الأم: (ستظل جائعاً حتى تأتي الغيوم ويهطل المطر). وابتسمت ثم تابعت كلامها متسائلة: (أرأيت ماذا سيحل بالأرض والناس إذا رحلت الغيوم ولم يهطل المطر)؟! تذكر أحمد في تلك اللحظة غضبه على الغيوم والمطر، فخجل وعاهد أمه أن يحب الغيوم أعظم الحب لأنها تمنح مطرها للحقول كافة.
|
|
|
| |
|