(عيدٌ بأيةِ حالٍ عدتَ يا عيد |
بما مضى أم لأمرٍ فيك تجديد؟) (1) |
هذا السؤالُ مليكُ الشعرِ سيده |
ألقاهُ فالدهرُ إنشادٌ وتغريدُ |
وكلُّ ما صيغَ من معسولِ قافية |
صدى لما صاغه بدعاً وترديدُ (2) |
ما أروع الملهم الكندي نائله |
خُودٌ من الفن أبكارٌ أماليدُ |
هذي تروح بقلب الصبِّ مقلتها |
وتلك يغدو به من سحره الجِيدُ |
حُسنٌ من البدو لم يجلبْ بتطرية |
هو الأصالة لا زيفٌ وتقليدُ (3) |
ما كان أروع من دانت شواردها |
له وأرهق من حاكوه تسهيدُ (4) |
فذُّ الطموح تعالى عزمُ همته |
عما ارتضاه نديم الذلِّ رعديدُ |
لم يقبل الضيم إذ لاحت بوادره |
من حاكم زفّه للحكم إخشيدُ |
واستأسدت في ثرى مصر ثعالبها |
حتى اختفت من جنى الكرْمِ العناقيدُ (5) |
ماذا تراه لو ان العمر مدّ به |
وحاضر العرب بالإذلال عربيدُ |
ماذا يقول؟ أيجلو صوت مذوده |
وجه الحقيقة؟ هل تحلو الأناشيدُ؟ |
كل المواطن مصرٌ أمر حاكمها |
يمليه أعوان صهيون المناكيدُ |
وحلَّ في أهلها فتكٌ وتشريدُ |
والقدس غيّرَ محتلٌّ هُويتَها |
وانتابها من يد الأوباش تهويدُ |
والسادرون من الحكام ديدنهم |
هاموا وراء سراب السِّلم زادهمُ |
من عمهم سام توجيه وتعميدُ |
لها بشرع سكارى الذل تأكيدُ |
ومقتضى الطاعة العمياء مظهرها |
من الأذلاّء تسبيحٌ وتحميدُ |
باعوا المواطن كي تبقى مناصبهم |
يحيطها من رضا الأسياد تأييدُ |
ما للمكفكف دمعاً؟ حبُّ صارمه |
براه فانداح من شكواه تمجيدُ (6) |
والمشفقون على دار السلام علت |
جحافل الموت قد حلت بساحتها |
وضيم في لابتيها أهلها الصيدُ |
وملتقى الرافدين المستطاب غدا |
فيه لأقدام محتلِّيه توطيدُ |
أين المفر؟ وهل في الأفق من أمل |
يُرجى؟ وهل يعقب التمزيقَ توحيدُ؟ |
مستقبلٌ ليس يدري كنهه فطنٌ |
في رأيه عند طرح الرأي تسديدُ |
والعيد عاد ودامي الجرح يسأله |
(عيدٌ بأيةِ حالٍ عدتَ يا عيدُ؟) |
1- البيت مطلع قصيدة مشهورة للمتنبي قالها في كافور الإخشيدي حاكم مصر.
2- في البيتين تلميح لقول المتنبي:
وما الدهر إلا من رواة قصائدي |
إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا |
ودع كل صوت غير صوتي فإنني |
أنا الطائر المحكي والآخر الصدى |
3- في البيت إشارة إلى قول المتنبي:
وفي البداوة حسن غير مجلوب |
4- في البيت إشارة إلى قول المتنبي:
أنام ملء جفوني عن شواردها |
ويسهر الخلق جرَّاها ويختصم |
5- إشارة إلى قول المتنبي:
نامت نواطير مصرٍ عن ثعالبها |
فقد بشمن وما تفنى العناقيد |
6- إشارة إلى قول المتنبي:
ما لي أكفكف دمعاً قد برى جسدي |
وتدَّعي حبَّ سيفِ الدولةِ الأممُ |
|