| |
نوافذ الهبات أميمة الخميس
|
|
تعود أهمية المكانة التي تتسنمها المملكة دولياً, إلى سياستها الخارجية القادرة على الانسجام مع التوازنات الدولية في المنطقة، دون اللجوء إلى التطرف على أي مستوى، أيضاً دون جر المنطقة والمكان إلى مغامرات غير محسوبة خدمة لشعارات أو انفعالات عاطفية مؤقتة.. ولعل الكثير من المزايدات التي نسمعها حول موقف المملكة على المستوى الدولي ترجع في مجملها إلى ذلك الموقف المستجيب لسياسات طويلة المدى، تجعل الخطط التنموية هي أبرز الأهداف التي تتجه لها في مسارها. على المستوى المحلي أحياناً نسمع بعض التذمرات والهمهمات الخافتة التي تلي تبرع المملكة إلى جهة معينة على المستوى الدولي أو الإقليمي، كونهم يرون أن الداخل هو أولى بهذه الأموال. ولأن الأمور لا تكون بهذه البساطة والمباشرة في الغالب، فلا أحد يريد أن يرى هذا الأمر من خلال أبعاد متعددة وبصورة شمولية، ومتطلبات حتمية أولها المكانة الدينية والتاريخية للمملكة. والرسول - عليه الصلاة والسلام - تألَّف بعضاً من عتاولة قريش بالهبات والعطايا، فهذا الأمر جزء تاريخي قديم يؤطر العلاقات السياسية والتوازنات الدولية، فالمملكة حينما تقود حملة تبرع على لبنان مثلا فهي تستجيب لموقفها الإسلامي والعروبي بالتأكيد ولكنها أيضاً تفعل وجودها وحضورها في لبنان، ولا سيما أن هناك أطرافاً أخرى تحاول أن تستأثر بالمشهد وتهيمن على القرار السياسي في لبنان وتجده مدخلاً لطموحات توسعية في المنطقة مثلا (كالهلال الشيعي) هذا المصطلح السياسي الذي بات متداولاً كثيراً في الفترة الأخيرة. أيضا المملكة عندما تجير بعضا من حملاتها إلى زلزال في باكستان أو كارثة تسانومي في إندونيسيا فهي هنا تستجيب إلى واجباتها كبلد للحرمين الشريفين، أيضاً كبلد يملك قوة اقتصادية يجب أن تسهم في إقالة عثرة المصابين في الكوارث والشدائد وأخيراً تفعيل دورها في المجتمع العالمي والمنظمات الدولية وترسيخ صورة إيجابية عن هذا المكان، من خلال مساهمتها في المجالات الإنسانية، والمملكة تواجه حملة إعلامية شرسة على المستوى العالمي لذا لابد أن يكون هناك ما يوازيها ويتصدى لها. تلك الهمهمات الخافتة من التذمر والرفض عاجزة عن أن تشاهد الصورة بشكلها المكتمل فتلك الهبات والعطايا ليس فقط تؤلف القلوب بل أيضاً تصنع الحلفاء والتحالفات وتجلب الأمن والاستقرار للمنطقة، حيث الأمن والاستقرار وحدهما الركيزة الأساسية للتنمية والتقدم وازدهار المشروعات الاقتصادية لهذا المكان وسكانه، لم تقم المملكة بصف الصفوف للقيام بعروض عسكرية ومناورات على الشواطئ، ولم ترفع نبرة التهديد أو المساومة ضد أي من البلدان المجاورة، ولم تطلق الصواريخ التي تستنزف الملايين من الميزانية على حساب الخطط التنموية وصناعة الأفراد ولقمة عيشهم، ولكنها أيضاً من حقها أن تصنع طوقاً حولها من العمل الدبلوماسي والسياسي، يقوم على سياسة هادئة بعيدة عن التشنج والزعيق.
|
|
|
| |
|