| |
ندوة (القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية) د. صالح بن عبد الرحمن المحيميد (*)
|
|
لقد صدرت الموافقة السامية الكريمة، على قيام وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ممثّلة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، بتنظيم ندوة على جانب كبير جداً من الأهمية، وعنوانها (القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية). وتحدّدت فترة الندوة يومي 16 و17-10-1427هـ في مدينة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. وحشدت الجهود الكبيرة العلمية والعملية لإنجاح هذا المنتدى العلمي المهم لجني الثمرة العظيمة منه والتي تعود على الإسلام والمسلمين بالعز والتمكين. فبها نتمكن من تجلية الدراسات والبحوث التي دوّنها المستشرقون في دراساتهم للقرآن الكريم لفظاً ومعنى، فدوائر المعارف الاستشراقية اليهودية والنصرانية، وغيرها من دوائر المعارف العامة ودوائر معارف تاريخ الأديان والديانات المقارنة .. هذه الدوائر عنيت بالقرآن الكريم عناية معكوسة، فقامت بإعداد الدراسات المتنوعة للقرآن الكريم بمناهج مختلفة وأساليب متنوعة. فأثرت الساحة العلمية العالمية بمعلومات ودراسات وتحليلات وتأوُّلات عن القرآن والإسلام مغلوطة محرّفة باسم البحث عن الحقيقة، والحقيقة أنّ هدف هؤلاء هو هدف أسلافهم الذين ناصبوا هذا الدين العداء من لحظة نزول الوحي على رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم. فتاريخ العداء للإسلام من أتباع الديانات الأخرى وُلد متزامناً مع نزول القرآن، إذْ تجد في القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة ما يدل على ما فعله المبطلون، وما قالوه من التهم الباطلة في القرآن الكريم ورسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، لكن تلك الدعاوى والأباطيل طُمرت تحت أقدام الحق كما قال الحق جلّ وعلا {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ }، ولذا لم يكن لظلام تلك الشُّبه والأقاويل وجود طويل، وبقي الأمر على ما ذكر حتى دبَّ الضعف في أهل الإسلام فنشأ الاستشراق معولاً صنعه الأعداء لهدم الإسلام، أو حصره في أُناس معزولين لا حول لهم ولا قوة ولا أثر ولا تأثير، وأولى خطوات الهدم للقرآن الكريم ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة اللاتينية عام 1143م، ثم اشتدت وطأة الباطل ضد الحق في القرن التاسع عشر الميلادي، عندما مدّ الأوربيون نفوذهم على أهم المواقع في عدد من البلاد الإسلامية، واستمرت الدراسات وتطوّرت في الربع الأخير من القرن العشرين وإلى اليوم وهي تزداد ضراوة، لكن كما قال جلّ وعلا {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}، ولهذا فإنّ على كلِّ مسلم أن يعي ما يريده أعداء الإسلام من المسلمين، وما يعملونه ضد ديننا سراً وجهاراً وخاصة العلماء وطلاب العلم في كافة التخصصات العلمية النظرية والتطبيقية ذات العلاقة بالحضارات والديانات واللغات وغيرها، فواجبنا الذب عن الإسلام بالوسيلة الصحيحة وإبلاغ هذا الدين بالحكمة والموعظة الحسنة ومعرفة كلِّ وسائل المعرفة وتوظيفها فيما يرضي الله وينفع عباده، وينشر الصلاح والإصلاح في الأرض، وما هذه الندوة المباركة إلاّ شعلة من الحق يجب أن نقتبس منها ضياءً يبدِّد الظلام ويحقق ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظهور هذا الدين وعلوِّه على غيره. وهذا ليس ببعيد إذا سلكنا الطريق الصحيح الواضح لكلِّ ملتمس له، وهذه الندوة خطوة مهمة ترشد لمعالم الطريق، فيجب أن نشارك فيها ونؤثر ونتأثر فيما تقدمه من معلومات في غاية الأهمية. فغاية كلِّ مسلم ونهاية مناه فهْم الناس للإسلام والقرآن كما أراده الله وردّ كيد الكائدين وكشف شُبه الزائغين وقلب السحر على الساحر، فهؤلاء الدجّالون من المستشرقين إذا كشف الله باطلهم فإنّ الحق يظهر كما كان الأمر أول الأمر، فالباطل قديم أزهقه الله لكنه عاد وسوف يهزم بإذنه. أسأل الله العلي العظيم أن يجزي ولاة الأمر وقادة المملكة عظيم الأجر على تبنِّي هذه الندوات ودعمها وشمولها بالرعاية .. وأسأله لإخواني في وزارة الشئون الإسلامية الجزاء الأوفى على علوِّ الهمّة وبُعد الرؤية في التخطيط والإعداد لمثل هذه الأعمال العظيمة الرائدة في سبيل الدعوة إلى الله، وإبلاغ دينه والذب عن كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم. كما أسأله أن يعين إخواننا في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، حيث أضحت أعمال المجمع متميّزة .. وأشكر كلَّ من حضر للندوة أو قدّم بحثاً أو قرأ بحوثها وتأمّل في أهدافها وغايتها ومحاورها، لأنّ ذلك مما لا يستغني عنه مسلم يحبُّ العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين.
*رئيس محاكم منطقة المدينة المنورة وعضو اللجنة العليا لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
|
|
|
| |
|