| |
ثقافة (أعرفه عندما أراه) انخفاض الأسهم بين مسؤولية المستثمر وإدارات الشركات عبد السلام محمود القرعاني
|
|
كلّنا يراقب الشريط الأحمر الذي ساد سوق الأسهم خلال الأيام الماضية، ولقد كنّا في السابق ننظر إلى القيم السوقية الافتعالية للأسهم بحذر كبير، ثم أتى الانحسار والخسارة الكبيرة التي حدثت في فبراير. لا شك أن هناك بعض الناجين من الطوفان، وأنا أقصد الأسهم وليس المضاربين أو المستثمرين. فهل كانت النجاة هي بسبب متانة الشركة وقوتها الائتمانية أم كانت بمحض الصدفة؟ وإذا كانت النجاة نتيجة للسبب الأول فما الذي دفع ببعض الأسهم التي لا يمكن أن تتمتع بقوة ائتمانية بالارتفاع الحاد وتتجه ذات القوة الائتمانية إلى الثبات أو الانخفاض الطفيف؟ ثم لماذا نجد الشركات التي تحقق أرباحاً في الأيام الراهنة تتجه أسهمها أيضاً إلى الانخفاض؟ هذه التساؤلات نجدها دائماً حاضرة ونجدها وللأسف تشكك في منطقية التحليل المالي وتجعله غير ذي جدوى في سوق مليء بالمفاجآت غير المدروسة وغير المنطقية. فكيف نتعامل مع هذا النوع من الأسواق؟؟ من الكتب الجيدة التي صدرت عن جمعية الإدارة الأميركية كتاب باسم (أعرفه عندما أراه) وباختصار شديد فإن الكتاب يروي قصة رجل أعمال يملك مصنعاً منتجاً لسنوات عديدة حتى ظهر له منافسون فأصبح يواجه صعوبات في التسويق، وعندما كلف فريق بحث عن أسباب تدني مبيعاته لم يستطع أن يصل إلى نتيجة غير أن هناك منتجات أخرى منافسة، عندها قرر أن يخرج بنفسه إلى السوق ليقف على الأسباب الحقيقية. وبينما هو في تأمله وبحثه فإذا بشخص يشتري منتجاً منافساً لمنتجه أي ليس من منتجات مصنعه، فسأله: لماذا اشتريت هذا النوع بدلاً من هذا؟ فأجاب المشتري: لأن هذا أفضل. فسأله وكيف عرفت أنه أفضل. فقال أعرفه عندما أراه. فاستغرب المنتج الحيران من ثقافة المشترين وقال: كيف يمكنني أن أصرف المبالغ الطائلة على أبحاث التطوير والتحسين لكي يأتي في النهاية مشترٍ لا يضع اعتبارات لكل ذلك، وليس لديه معايير قياس لجودة أو مواصفات معينة مطلوبة ليقرر أن هذا أفضل من هذا فقط لأنه يعتقد ذلك دون أي تفسير وبكل بساطة بدعوى أنه (يعرفه عندما يراه). وبربط هذه القصة بما يحدث في سوق الأسهم نجد أنفسنا حقاً أمام معضلة تتمثل في ثقافة المستثمر أو المضارب إما بجهله أو تجاهله فهو يتحمل نصيب من مشكلة عدم انتظام السوق. وتقع المسؤولية الكبرى على إدارة الشركات سواء أكانت بنوكاً أم غيرها. فمعظم إدارات الشركات تعاني من مشاكل كفاءة أداء لشركات مطروحة أسهمها للتداول. فإدارة شركة منغلقة على نفسها أو بين مؤسسيها تختلف عن التعامل مع ملاك غير ثابتين. وبالرغم من أن هذا الوضع الأخير يشجع على سوء الإدارة في أحيان كثيرة إلا أن الإدارة الناجحة تستطيع أن تنمي ثقافة الاستثمار فيها بشكل صحيح. فإذا لم تستطع الشركة من المحافظة على مالكي أسهمها كمحافظتها على أصولها فهي إدارة ينقصها الكثير والكثير. ونجد أن المحافظة على المساهم كمالك ثابت للسهم توجد فصلاً تلقائياً بين السهم الجيد من ذلك الأقل منه. إن مجموعة من الإجراءات والخطوات العملية التي يجب على إدارات الشركات اتباعها لكي تصل إلى مرحلة ترسيخ مفهوم انتماء المساهم إلى الشركة والتصاقه بها ودعمها، للآسف لا أجد شركة قامت به. ولو تم فإن هذا سيجعل عرض أسهم تلك الشركة للبيع نادراً وبالتالي فإن حجم الأسهم المطروح للتداول سيكون كمية بسيطة. ونتيجة لذلك سوف تحافظ على قيمتها إن لم يرفعها إلى مستوى جيد. فبالرغم من أن حجم التداول لأسهم شركة معينة بالنسبة لأخرى هو أمر نسبي ويعتمد على كمية الأسهم التي طرحت أصلاً للاكتتاب العام، إلا أنه يظل المؤشر يدل على أنه كلّما ارتفع حجم التداول على سهم معين دل على أن اتجاه المتداولين في هذه السهم هو اتجاه مضاربي، وكلّما انخفض دل على أنه اتجاه استثماري. ولتأكيد النتيجة يستدل بذلك من حجم المعروض للبيع كمؤشر لذلك. وعلى ذلك أؤكد أن إدارة الشركة تلعب دوراً كبيراً في توجيه أسهمها التوجيه السليم خصوصاً تلك الشركات القيادية الرابحة.
|
|
|
| |
|