| |
خالد بن منصور بن لؤي (مفخرة أبناء الحجاز) حمود بن متعب بن عفيصان
|
|
من يحمل اللواء؟.. لا يهم.. الأهم أن يرتفع اللواء.. كل من وقفوا إلى جوار زعماء العالم أدركوا تلك الحقيقة، بَيْدَ أن أكثر من عرفتهم إخلاصاً لها هو ذلك الرجل.. خالد بن لؤي، الإنسان المذهل، الذي تُعد صفحة سيرته في كتاب تاريخنا الوطني على درجة من الأهمية بمكان يجعلنا نفرد له هذه الأسطر؛ إذ في الوقت الذي علت فيه نعرة القبلية المناطقية ضد حركة المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - لا لشيء سوى أنها قادمة من نجد، وقف الحجازي الحصيف المنصف الصدوق خالد بن لؤي في وجه ذلك المدّ، معلناً انضمامه إلى صفوف جيش الملك عبدالعزيز التي كانت تجوب ربوع بلادنا حاملة لواء التوحيد، آخذة على عاتقها تطهير أرض الجزيرة من البدع والشركيات. وبانضمامه إلى صفوف الملك عبدالعزيز وضع نفسه في مواجهة أكثر من تحدٍ، فقد تحدى الرجل الزمان والمكان والمجتمع الحجازي الذي لم يكن فيه مجرد رجل عاديّ، بل كان أحد كبار الأشراف ابن عم أمير مكة، بَيْدَ أن الرجل تخطى تلك الخطوط الحمراء كلها، وفضَّل أن يكون جندياً مخلصاً في صفوف الملك عبدالعزيز على أي شيء آخر، لا لشيء سوى لإيمانه العميق بعدالة قضية الملك عبدالعزيز آل سعود، حتى أصبح أنموذجا يُحتذى، ومضرب مثل في الوطنية لكل أبناء الحجاز، إذ رجحت كفة الوطن لدى الرجل على أي كفة أخرى، ووضع اعتباره فوق كل الاعتبارات. وكما كان خالد بن لؤي الهاشمي مضرب مثل في إخلاصه ووفائه لوطنه وقائده، كان أيضاً مضرب مثل في حماسته وحبه لدعوة الإصلاح وتشيُّعه لها، لما استشعره الرجل من صدق تلك الدعوة، وما تحمله من خير لبلاده، ولعل سطرين أو أكثر من أسطر إحدى الوثائق التي اطلعت عليها في هذا الشأن تعكس عباراتها تلك الحماسة اللافتة، حيث لم يكن يقبل ممن يعملون تحت إمرته أن يكونوا أقل حماسة منه. فيقول في بعض رسائله المبكرة التي بعث بها إلى اثنان من شيوخ القبائل، وكان قد وجد منهما فتوراً، ورد في إحداهما: (... البهرجة والكذب نقص على العاقل ديناً وشيمة، والحق ضالة المؤمن واللي يبي الدين صدقاً يقبل ويلفي، واللي ما يبي الدين ويبي يتوقف عن الملفا، فعليه النفاق نسال الله يعين، ومن يم ذكرك أن بلادك مدهرة فالمسلمين ما جو على شان حبك، جو لقصود (أهداف) نرجو أن الله يبلغهم إياها ويطهر بيته من القباب و...).. وفي أخرى يقول: (... وخبرناهم يأمرونكم بالقومة بكتاب الله وسنة نبيه ومن عمل بها فهو رفيقنا ومن خالفها فنشهد الله على قوامته وبغضه...). بهذا المفهوم، ومن ذلك اليقين الذي لم يعرف أبداً أنه تزحزح داخل الرجل قدم خالد بن لؤي ما قدمه من أعمال عظيمة، وخاض ما خاضه من معارك في الخرمة، وتربة، الطائف، وتهامة، وينبع ودخول مكة، وغيرها. ملاحم جهادية كان يدرك الرجل أن مكة وما حولها من البقاع أول من سيجنون ثمارها، بالتحاقهم بركب التوحيد، وشقِّ حجاب الأفق أمام شمس الصباح الجديد الذي ساقه الملك عبدالعزيز آل سعود إلى ربوع الوطن. الجهاد إذن كان بغية الرجل، الذي تصدق بعرضه على الناس، فطاله ما طاله من سهامهم، بينما حرص هو على أن يلقى ربه بصفحة بيضاء نقية من الكبر، والعصبية، وحمية الجاهلية، التي وقفت طويلاً حجر عثرة في سبيل مسيرة هذا الوطن، الذي أصبح له ساقا عملاق لم تعد للأحجار قدرة على اعتراض سبيلهما، وله قلب كبير مترع بحب الخلصاء الأوفياء، الذين حملوا مشاعل الضوء في دروب ذلك التاريخ المظلم، تتكسر على ظهورهم نضال المرجفين والحاقدين، يتقدمهم خالد بن لؤي الهاشمي، أحد حواريي الملك عبدالعزيز بن سعود، ومفخرة أبناء الحجاز.
|
|
|
| |
|