| |
وعلامات عبدالفتاح أبو مدين
|
|
عادل الغضبان ومجلة الكتاب 2-4 وقد عبَّر عن خطة المجلة حين قال في افتتاحية العدد الأول (أما هدفنا فإننا نضطلع بخدمة العرب عن طريق نشر الثقافة، ووسيلتنا إلى ذلك رأيٌ حرٌّ وقلمٌ نزيهٌ تُقدّم بهما إلى القراء ثقافة عامة مستمدة من أروع ما تفتّقت عنه أذهان الشرقيين والغربيين، ونبضت به قلوبهم وابتدعه خيالهم، وأنتجته عبقريتهم، هذا إلى عتابة قصوى بالكتاب العربي نعرضه للجمهور عرضاً صحيحاً، ونصوِّره تصويراً هادفاً بعدسة النَّقد؛ والتعريف على ما يحتمله المقام، ولسنا نخال المنقودين إلاّ قادرين لنا هذا النفع العام الذي تَوخّيناه، ومظهرين من سعة الصدر وحب الكمال ما هو مأثورٌ من أخلاق العلماء، ولا تحسبهم كذلك يجهلون أنّ نقداً صحيحاً يُصوِّر روعة وحيهم، ويبرز مدى جهدهم، ويشير إلى جوانب نقص قد يكون قد فاتهم سدّها أوقعُ في النفس من حُلّة فضفاضة من المدح والثناء يحدجها القارئ بنظرة لا إعجاب فيها، وبسمة لا يخفى معناها). * وإذا كانت دار المعارف التي تقوم على إصدار المجلة مادياً هي دار لنشر الكتاب العربي؛ فقد وجدت من أهدافها أن يحتلّ الكتاب العربي مجالاً فسيحاً في مجلة الكتاب عرضاً وتعريفاً ونقداً وتصويباً، ففي ذلك رواجٌ للكتاب من ناحية، وبعثٌ للنشاط الفكري من ناحية أخرى، وهكذا جاءت صفحات النّقد والتعريف بمجلة الكتاب حافلةً تشمل حيّزاً كبيراً لم يُتح للكتاب العربي من قبل في مجلة من المجلات، كما قامت معارك قلمية ممتازة في هذه الصفحات، لأنّ من لم يرتضوا وجهة الناقد من المؤلّفين قد سارعوا بالنّقد المعارض، واكتسب القارئ نفعاً جزيلاً من خلال الدفع والجذب والأخذ والرد. * وسأمثِّل لبعض هذه المعارك في هذا البحث بإيجاز؛ لنعرف كيف أدّى عادل الغضبان رسالة النّقد الأدبي على أكمل وجه يُتاح!. ونواصل الحديث عن أبواب المجلة كما اتضحت في العدد الأول من صدورها، فنعرف أنّه خصّ بعد الافتتاحية باباً للتحقيقات، حيث يشمل كلُّ عدد حديثاً عن موضوع يشغل الأذهان عن طريق أسئلةٍ تُوجّه إلى كبار المفكرين، ففي العدد الأول سؤالٌ عن أثر الحرب في العالم، وذلك لمناسبة انتهاء الحرب العالمية الثانية، وقد أجاب عنه الأمير عبدالله نجل إمام اليمن، وعبدالحميد بدوي باشا وزير الخارجية المصرية حينئذ، وعبدالرازق السنهوري وزير المعارف، وطه السباعي وزير التموين، وحلمي عيسى باشا من الوزراء السابقين، وخليل ثابت رئيس تحرير المقطم، وانطوان الجميل رئيس تحرير الأهرام، وكانت الإجابة تصوِّر فنوناً من التفكير المتزن، بحيث تبلور موضوعاً مختلف الزوايا، وقد تعدّدت هذه التحقيقات فيما يلي من الأعداد، فأرشدت إلى خيرٍ علميٍّ جزيل. * وندع الحديث عن المقالات العامة إذ هي لما لا بدّ منه في كلِّ مجلة علمية، ولكنا نُشير إلى بابٍ هام حرصت مجلة الكتاب على تقديمه في كلِّ عدد، وهو باب تراجم الأعلام، وقد مهّد له الأستاذ عادل الغضبان بهذه المقدمة الطريفة: (يرجع تاريخ نهضتنا الحديثة إلى الحملة الفرنسية، وإن يكن قد سبقتها بمصر وبعض البلاد العربية محاولاتٌ كان لها أثرٌ محدود، ولقد رأينا أن نفرد هذا الباب لأعلام تلك النهضة فنسردُ لهم ترجمات تكون بمثابة المصدر التاريخي لحياتهم وأعمالهم وآثارهم دون التبسط في دراسةٍ قد تحتاج في بعض الأحيان إلى مُجلدات برأسها، ولن نُراعي في ترجمة هؤلاء الأعلام ترتيباً تاريخياً، فقد تدعو الحال إلى الحديث عن المُحدثين منهم قبل الأقدمين لضرورة عاجلة أو لسبب طارئ، أو ذكرى قائمة، ولعلّ هذه الترجمات التي تَنُثّ عَرف النبوغ والعبقرية، وتجلو آيات النفوس الكبيرة والهمم العالية تكون حافزاً لشبابنا إلى التطريس على آثار سلفٍ صالح وضَع الأسس ثم ترك للخَلَف النهوض). * والحق أنّ هذا الباب في سائر مجلدات الكتاب يُعتبر مصدراً تاريخياً لأعلام الفكر والأدب والاقتصاد والعلم في العالم العربي جميعه، إذ أشار إلى أئمةٍ من ذوي الفضل البارز في كلِّ وطن عربي، حتى في بلاد المهجر باعتبارها من حصون اللغة العربية، وفيمن ترجم لهؤلاء نقف على تاريخهم في غير ما كُتب في هذه المجلة، ولعلّ من الخير أن تُجمع هذه البحوث الخاصة بالتراجم في سِفر خاص ليكونَ نفعها جزيلاً، هذا النهج الحافل بثماره اليانعات شافٍ، بل لعلّ من الخير أن تواصل الصحف العلمية والأدبية المعاصرة.
|
|
|
| |
|