نهارات أخرى
المرأة ضحية ثقافة اللذة السريعة!
فاطمة العتيبي

** الذي حدث في مصر في أيام عيد الفطر وأمام بوابات إحدى دور السينما وفي عرض الشارع وفي وسط القاهرة من تحرش جماعي منظم تجاه الفتيات والنساء سواء كن محجبات أو غير محجبات (تعرضت فتاتان خليجيتان كانتا تعبران الشارع إلى تمزيق عباءتيهما) هو ترجمة فعلية لتأثير ثقافة اللذة السريعة.. تلك الثقافة التي صدّرتها أمريكا للعالم.. فسد الجوع حالما يرسل إشاراته إلى المخ.. درب الإنسان على سد الرغبات والتمتع باللذة حالما يشعر بإثارتها.. وهذا وفق دراسات أمريكية تؤكد أن تفاقم العنف والتحرش ناتج عن زيادة الاستهلاك للفرد الأمريكي 20% عن استهلاك أي فرد آخر في العالم.
** علاقة الشباب بالمطاعم السريعة تغذي وتربي في داخلهم ثقافة البحث السريع عن اللذة مهما كلف الأمر..
ومع أن ثقافة اللذة السريعة غزت العالم كله إلا أن دولاً مستقرة تتميز بالمتانة الاقتصادية حافظت على طابعها المحلي وقيمها الخاصة، واليابان دليل على صمود الشعوب في وجه الثقافات المناقضة لها..
** لكن البطالة وضغوط الثقافة التلفزيونية اليسارية التي تنفض جيوب الناس بالمسجات والرسائل الغرامية التي تنال - ولا شك - من القيم العامة بإباحتها الأغاني الفضائحية على مدار اليوم وعبر بث رديء لا يحتاج إلا لغرفة 2 ? 3م وفتاة دلوعة وشاب مائع واستهلاك لطاقة الشاب ورغباته في ظل عوز مادي وسكني يحرمانه من إتمام مشروع زواج ناجح.
كما أن ذلك المشهد الذي حدث أمام الملأ هو ترجمة فعلية لما حذرنا منه، وأن بعض الدعاة وخطباء المساجد يبررون لظاهرة العنف الجنسي أنه ناتج فقط عن تبرج الفتيات!! وما تشبيه القطط واللحم المكشوف عنا ببعيد، فقد كان صبيحة العيد.. وتعرض المحجبات للتحرش ينفي كون هذا هو السبب الوحيد مع أنه - ولا شك - أحد الأسباب ولكن ليس أهمها.
** صمت الشارع إزاء التصرفات البسيطة وسلبية الأوضاع الاقتصادية يؤدي إلى فقدان عناصر الأمن ومن ثم الوعي ومن ثم الأخلاق والقيم، فمنظومة القيم لا تنمو إلا في الأجواء الآمنة المستقرة، ولذا ففي الحروب تزداد نسبة الجريمة والعنف والتحرش والاغتصاب إلى أرقام مخيفة ومذهلة.
** ثقافة اللذة السريعة.. تحتاج إلى كبح جماح ولا شك، والدفء العائلي الجاذب للبقاء في المنزل والاستمتاع بالحياة المنظمة ونمو القيم والأخلاق واحترام الآخر وحرمة عرضه بغض النظر عن وضع الآخر وملبسه ومظهره.. فالأخلاق قيمة منفردة لا شأن لها بالآخر!! وسلبية الشارع وتحول التوجيه والإغاثة لمن يتلقى الإهانة اللفظية أو الجسدية إلى عمل حكومي تقوم به الشرطة أو الهيئات.. أدى - ولا شك - إلى إعراض شعبوي عام عن حماية قيم الطريق العام ومن فيه.
** شاهدت شريط الفيديو المعروض على إحدى مدونات الشباب المصري على الإنترنت، وشعرت بالأسى الكبير، ففي أيام العيد وبعد رمضان ينظم الشباب نفسه في أحد الشوارع ويرتب نفسه في طابور يتشكل من فئات عمرية تبدأ من الثانية عشرة وحتى الثلاثين مهمته التعرض للفتيات العابرات وتمزيق ملابسهن والتحرش بهن.. ودون نجدة حقيقية من المارة والعابرين.