| |
لكي لا تخدش الفضائيات ما تبقى من حياء في نفوس أبنائنا
|
|
في العدد (12440) من جريدة الجزيرة الصادر يوم الجمعة 28-9- 1427هـ، رسم هاجد كاريكاتيراً يعبر عن ما تقوم به القنوات الفضائية من خدشٍ وتمزيق لخلق الحياء، وتفاعلاً مع هذا الكاريكاتير الهادف ولكي لا تخدش الفضائيات ما تبقى من حياء في نفوس أبنائنا أقول: لن يتجادل عقلاء قومنا أن عدداً من القنوات الفضائية تبث برامج تخالف تعاليم ديننا الإسلامي وتراثنا الثقافي وعاداتنا العربية الأصيلة ولها آثارها السلبية - العقدية والفكرية والأخلاقية والأمنية والصحية - على أبنائنا، ومن ذلك أثرها في تمزيق وخدش خلق الحياء، ذلك الخلق الباعث على فعل الحسن وترك القبيح، ولكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء، قال تعالى: {فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء}، وكان رسولنا صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها، ومكتوب في الحكمة: إن من الحياء وقاراً وإن من الحياء سكينة، وفي الحديث (الحياء لا يأتي إلا بخير)، ومما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت، يقول ابن حجر - رحمه الله -: ليس عجباً ما نراه من منكرات الأخلاق، إذا علمنا أن رادع الحياء قد مات، فالذي لا يستحي - عادة - يصنع ما يشاء، بلا حرجٍ من أحد. لذا حتى لا تقضي وتخدش الفضائيات ما تبقى من حياء في نفوس أبنائنا أقدم بعض الطرق التي تساعد على ذلك: - عدم إدخال القنوات الفضائية التي تخالف ما يأمرنا به ديننا وتدعونا إليه أخلاقنا وتؤكد عليه قيمنا العربية إلى بيوتنا، لأننا مطالبون شرعاً وعقلاً بتقديم درء المفاسد على جلب المصالح وبهذه الطريقة تتحقق حصانتهم - بإذن الله - من أن تقضي الفضائيات على ذلك الخلق الجميل في نفوسهم. - إن عجزنا عن ذلك وأدخلت بعض القنوات الفضائية إلى بعض بيوتنا فإن على الأولياء أن يقتصروا على القنوات الفضائية المفيدة والمسلية التي لا تبث البرامج المخلة بعقدية وأخلاق أبنائنا وتخدش خلق الحياء في نفوسهم، وإن كانت بعض البيوت ابتليت ببعض القنوات التي تبث تلك البرامج المخلة بالآداب فعلى الأولياء أن يشعروا بالخطأ والخطر ولا يجعلوها متاحة لأبنائهم. - ولأننا لا نستطيع مراقبة أبنائنا في كل مكان وزمان فإن تنمية الوازع الديني في نفوسهم وغرس خلق الحياء فيهم منذ الصغر من أكثر الطرق فاعلية في تربيتهم وحمايتهم من أضرار الفضائيات، لأنه ينمي فيهم استشعار مراقبة الله تعالى والخوف منه، والمبادرة إلى فعل كل حسن وترك كل قبيح، والحرص على تحصيل الحسنات والتقليل من السيئات. - من الطرق المناسبة أن يحرص الآباء على توفير البدائل المناسبة وفتح المجال لأبنائهم لممارسة الهوايات المفيدة والمختلفة، مثل: توفير أجهزة الحاسب الآلي والأدوات الرياضية وغيرها، وتسهيل اشتراكهم ودخولهم إلى الدورات التدريبية والصالات الرياضية والنوادي الثقافية والرياضية والمشاركة في الأنشطة الطلابية والزيارات العائلية. - إن مداومة جلوس الآباء مع أبنائهم عند مشاهدتهم للبرامج المعروضة في القنوات الفضائية، وتشجيعهم عندما يتابعون قنوات وبرامج مفيدة، وتوجيههم عند مشاهدة أي برامج يوجد به أخطاء وملاحظات وبيان ما فيه من مخالفات دور إيجابي في تلك الوقائية. - مما يخفف من دور الفضائيات في نزع خلق الحياء وضع جهاز التلفزيون وجهاز استقبال القنوات (الرسيفر) في مكان عام داخل المنزل لأن المشاهدة الجماعية مع ما يتوافر لدى أبنائنا من حياء يمنعهم من مشاهدة أي برامج تعارض ذلك الحياء، ومما يؤكد على الآباء عدم وضع أجهزة استقبال مستقلة للأبناء داخل غرفهم الخاصة، لأن التقنية الحديثة تسمح لهم الآن باستخدام بطاقات تجعلهم يشاهدون جميع القنوات حتى ولو كانت أجهزتهم مشفرة، فلا يليق بأب عاقل أن يلقي بأبنائه في البحر ويقول لهم: تعلموا السباحة. - إذا وصلنا إلى مستوى من النظام والوعي الذي نضع فيه نظاماً وقتياً للمشاهدة يطبقه الأولاد ويشرف عليه الوالدان وبرقابة ذاتية من الأولاد نكون قد حققنا خطوة إيجابية في حماية ما تبقى من حياء في نفوس أبنائنا. أخيراً: إن مما يدفعنا إلى العمل بجد إلى حماية أبنائنا من الآثار السلبية للقنوات الفضائية ما نشاهده جميعاً من تغيرات غير مرضية في سلوكياتهم، وربنا عز وجل يقول: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ(، وحبيبنا صلى الله عليه وسلم يقول: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته).
حمد بن عبد الله القميزي
gomaiziy@hotmail.com |
|
|
| |
|