| |
أضواء مستقبل العراق (6) جاسر عبدالعزيز الجاسر
|
|
أين يكمن مستقبل العراق، هل في كواليس ومباني وزارات الخارجية ومقرات المخابرات الأجنبية وبالذات في واشنطن ولندن وطهران وأنقرة؟! الحديث عن مستقبل العراق حديث ذو شجون، ويتطلب مساحة أكبر من الصراحة، والصراحة تفرض علينا أن نشير بوضوح وبصدق إلى من يحاول صنع مستقبل العراق، فبالإضافة إلى أهل العراق الذين انقسموا إلى عدة تقسيمات منها من يتلون طائفياً وآخرون عنصرياً والبعض لا يزال يتخندق سياسياً على الرغم من تراجع السياسة في العراق أمام طغيان الانتماء المذهبي والانتماء القومي، فالولاء للمذهب والتحزب للعنصر القومي يتقدم بكثيرٍ على الروابط الحزبية المبنية على المبادئ الحزبية بل يكاد يهدد حتى الروابط الوطنية التي كان يتميز بها العراقيون. تبدل خريطة الانتماء في العراق مكَّن القوى الأجنبية من خارج الحدود من التأثير على المجريات في العراق ومحاولة تلوين وتشكيل مستقبل العراق، فمن خلال تنامي التيار المذهبي الشيعي أصبح لطهران تأثيرٌ واضحٌ من خلال الأحزاب الشيعية التي نشأ أكبرها (مجلس الثورة الإسلامية) في إيران وحصل على دعم قياداتها الدينية والسياسية طوال بقاء مؤسسيه وقادته في إيران إبان حكم النظام العراقي السابق، وروابط الحزب الثاني (حزب الدعوة) مع إيران التي على الرغم من تراجعها لاستحواذ حزب الثورة الإسلامية برئاسة عبدالعزيز الحكيم على حظوة طهران، إلا أن حزب الدعوة برئاسة إبراهيم الجعفري، وزعيمه الآخر رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي وعلى الرغم من رغباتهما في إظهار استقلال حزبهما عن توجهات إيران وخصوصاً فيما يتعلق بنظرية ولاية الفقيه إلا أن الحزب يمتلك روابط قوية مع إيران تجعل التأثير الإيراني قوياً على توجهات الحزب خصوصاً على قواعده الجماهيرية، أما الحزب الثالث، وهو يمكن اعتباره حزباً مجازياً لأن (التيار الصدري) ليس له هيكلية الأحزاب، إلا أنه تيار شعبي شيعي استطاع الإيرانيون اختراقه والتأثير على أفعاله التي بدأت تتعارض حتى مع توجهات مؤسسه ومرشده مقتدى الصدر. هذه الأحزاب المذهبية بالإضافة إلى الحزب الإسلامي الذي يستحوذ على جزء ليس باليسير من اهتمامات أهل السنّة العراقيين والحزبين العراقيين الكرديين اللذين يسيطران على المنطقة الكردية بعد أن ذوبا الأحزاب الصغيرة، فيما يجاهد التركمان في إبراز تنظيم سياسي لهم وبدعمٍ واضح من تركيا، فيما يواجه كل هذه التنظيمات تنظيم القاعدة المسلح الذي يحاول فرض تمثيله للسنّة على الرغم من معارضته واشمئزاز أكثريتهم من محاولة اختطاف تمثيل السنّة والذي أصبح معضلة للسنّة أنفسهم الذين يدعي تمثيلهم أكثر من طرف ولكن دون فعالية. إذن على الساحة العراقية الآن التنظيمات المذهبية والعرقية والإرهابية إضافة إلى الاحتلال، وهكذا فالذين يحاولون صنع مستقبل العراق هم ما يمكن حصرهم بالأحزاب الشيعية والكردية والقاعدة والأمريكيين والبريطانيين.. وبتأثير ضعيف الحزب الإسلامي والجبهة التركمانية.. أما العراقيون الذين ملوا تدخلات الأجانب والمحتلين والإرهابيين فينتظرون ونحن معهم رحمة من الله.. وهو ما يدعونا أن نبتهل إلى العلي القدير أن يرحم العراق والعراقيين ويحميهم من تدخلات الآخرين.
jaser@al-jazirah.com.sa |
|
|
| |
|