| |
الثلاثاء 20 رمضان 1393هـ الموافق 16 أكتوبر 1973م - العدد (731) خواطري عن المعركة محمد رضا نصر الله
|
|
هناك فوق الرقاع العربية المتناثرة كأشلاء جسد معتمة.. اخضر الجرح الذي انهمر رفضاً طيلة أيام حزيران.. لكنه سقط في آبار المفاوضات. اخضر - أيها السادة - لأنه عرف أن مأساته مصلوبة على حبل الألسن والمفاوضات.. ولأنه كذلك - فإنه يحزم الآن - بغير اكتراث - أمتعته المفروشة على الوجوه الكبيرة القائدة.. ويعبر كل الحواجز الوهمية التي تفصله عن منطقة الإحساس بالقضية - أمام الرياح المسمومة التي تهب - دائماً - على السطوح المتراكمة بالأحلام الليلية.. وبين المنعطفات التي مارسنا فيها خدر الهزيمة العربية الأولى.. وفي الشوارع حيث يقف شبابنا العربي مطالباً بإلغاء كل الجدران السامقة - من أعلى إلى تحت - ليرحل.. رافضاً كل تفاهات السويد.. وعطور باريس.. وأحذية إيطاليا.. وصوف بريطانيا. أيها السادة: أعطوني كل وجوهكم اللاهثة وراء كل همسة شلو يخضب - الآن - الأرض العربية بالمثابرة العنيفة على حركية الدفاع.. لأنه بدأ يتعرف موقعه من الإعراب (...) فوق أرض انبثاق وبين دفاتر تاريخ العشق الدموي لمعانقة السماء الممطرة حرية وسلاماً وحباً.. ولأنه كذلك فإنه يرفض اليوم المضاجعة الوهمية للرشاش والمنشور.. ولأنه كذلك فإنه يفجر أحدث الأسلحة دافئة بالحب والسلام في أحدث رشاش وقنبلة.. حيث إنه بهذا يريد أن يرسم في معابر الآتي جذوة الالتهاب على السطوح المتراكمة بالأحلام الليلية وبين المنعطفات التي مارس فيها آباؤنا وإخواننا الكبار خدر الهزيمة العربية الأولى.. وذلك لحرق جميع الأحزان المحلقة بعيداً عن جاذبية الأرض.. التي استنزفت جميع القوافي حتى ما قبل حزيران الذي توغل في الأعمال.. والبدء - بعد استيقاظ نوارس المراكب الأبيض والأحمر والخليج - انطلاقاً من الشوارع الأمامية حيث يقف شبابنا العربي مطالباً بإلغاء كل الجدران السامقة من أعلى إلى تحت ليرحل. أيها السادة: قفوا عن التصفيق قليلاً حتى يصل الموكب يهزج بموسيقى الدم.. حتى يرفع الراية المنكسرة.. (غولدا مائير ترتعش من موسيقى الدم).. (موشي دايان تذرف عينه المفقوءة رعباً).. ... قفوا أيها السادة المتلاصقة أجسادهم على الطريق المؤدي الى القدس والناصرة وسيناء وغزة وشرم الشيخ.. ولا تهدر أي تصفيقة - رجاء - ولا تنهل حتى دمعة.. حتى ابتسامة.. وتأملوا قطار الرحلة مستغرقاً في المسير.. بصمت.. ودِّعوا ما في قلوبكم ينبت بعدئذ.. وابصقوا على جميع الرياح وأنتم تسرقون خطاكم إلى حيث ترتحل كل عوامل الرفض فوق الوجوه الشابة.. وتذكروا دائماً أن ذلك ليس إلا نتيجة الوخز الذي يركض فوق وفي جسد كل منا إلى الحلق والوجه.. حيث يتم بها (مشوار) الرحلة بعد أن وصلنا إلى منطقة الإحساس في العقل الباطن الذي بدأ يتسرَّب ثانية منذ حزيران 67م بعد الانكسار الأول عام 1948م.. وانتظروا وصول الموكب.
|
|
|
| |
|